سلامات يا رياضة

أ.د. عبد الرزاق أبو داود

TT

تفصلنا المسافات، وتباعد بيننا الغايات، وتفرقنا المصالح والأهداف والمبتغيات، هكذا هي حالنا في دنيا الرياضة إن شئت. تجمعنا المنافسات والصراعات والركض والركل والفرحة والغضب، ويدرك كثيرون منا أننا أبناء وطن واحد، وأن الرياضة وكرة القدم خاصة هي وسيلة وليست غاية.. ومع ذلك نتمادى، أو البعض منا على الأصح، في نشر الكراهية والنميمة والحقد والتعالي والتكبر والإقصاء واحتقار الآخر.. إلى آخر المعزوفة الشجية التي يعرفها المدبجون والمحبرون والمتحدثون والتلفازيون المحدثون، فاختلط الحابل بالنابل، وأصبح الكل خبيرا متحدثا لبقا.. لا يكل ولا يمل، ويهذر ويهرف في كل شيء، حتى يصل بك الأمر وأنت - لك الله - منصت مرغما، شئت أم أبيت، إلى ما يجعلك تشعر بالغثيان، والرغبة في رفع أصبعك، والاستئذان في الهروب أي والله الهروب من كل هذا الهرج و«العباطة»، ومن تراكم الفشر والحكي في الفاضية وأختها غير الشقيقة.

لن أحاول أن أكون «واعظا» رياضيا، فلم يعد يعني ذلك للكثيرين شيئا، تركنا ركوب الحيوانات وامتطينا القلم، واتخذناه مع الصورة وسائل عصرية لكي نتفاخر ونتنابذ بالكلمات المهينة. وكلنا يدعي حب « ليلى»، وهي من الجميع براء. يا منتحلي الرياضة، هلا تركتم ما لقيصر له؟ دعوا الرياضة بمكوناتها كلها لأهلها، وليذهب كل منكم إلى ما يحسنه، هذا إذا أحسن شيئا، أما أن تزاحموا أهل الدار بعد أن كنتم تعيرونهم بسكناها، ثم تحاولون اليوم إقصاءهم عنها، فتلك لعمري أضحوكة حلزونية!

ما تقدم إن هو إلا مؤشر وتنبيه عن بعض ما يقوم به «الوافدون» إلى مأدبة الرياضة السعودية التي غدت وليمة دسمة ماليا وإعلاميا.. أخذوا يتقافزون عليها لكي يقتنص كل منهم ما يستطع من منافع وغنائم. وفي الإمكان الإشارة إلى عشرات بل مئات الحالات التي برز فيها المتطفلون على الرياضة والرياضيين، وأخذوا يزاحمونهم ويزيحونهم عن عشقهم الأبدي، لا لشيء مستجد سوى أن الرياضة أصبحت صناعة حقيقية تدر الوفير من الأرباح، وهي الوسيلة الأسهل للوصول والانتشار والشهرة الإعلامية والوجاهة الاجتماعية. لن نستجدي أحدا لكي يدعنا وحالنا.. ولكنا فقط نقول لهم.. لهؤلاء المتطفلين: أنتم مكشوفون لجماهير الرياضة التي تعرف تماما ما الفرق بين أهل الدار الرياضية ومن جاء ولو ببضعة دريهمات قلّت أو كثرت لتحقيق أهداف ليست هي من الرياضة في شيء. ارحمونا يرحمكم الله، فقد لاحظ البعض أن بعض أشد معارضي الرياضة أصبحوا «يفتون» فيها ويقررون ما يجب أن يكون ولا يكون. رحماك ربي من هذا السيل الجارف باسم الانتماء الرياضي المفتعل! والهدف واضح لدى هؤلاء، فلا رياضة ولا يحزنون، وإنما دراهم وشهرة وانتشار إعلامي و«منظرة» في المنتديات والملتقيات والحفلات والمنصات والتلفزيون، وكل ما يمكن أن يتصل بالإعلام.. وسلامات يا أهل الرياضة.