مصر والجزائر.. عندما يصبح التعصب رسميا

موفق النويصر

TT

احتج الكثير من الإخوة الجزائريين المعلقين على مقالي السابق، «مصر والجزائر وثقافة الهزيمة»، على تحيزي، بحسب زعمهم، لصالح المنتخب المصري ضد منتخب بلادهم.

ورغم أنني لم أذكر سوى النتائج الهزيلة التي سجلها المنتخب الجزائري في البطولة القارية، بدءا من الدور التمهيدي مرورا بمباراتي ربع ونصف النهائي، وانتهاء بمباراة المركزين الثالث والرابع، التي خسرها بهدف دون رد، ناهيك عن سرد لأبرز الوقائع التي شهدها اللقاء «الأزمة» بين البلدين، فإن جل الردود، إن لم تكن جميعها، كانت تدور حول وجود مؤامرة لإسقاط المنتخب الجزائري، وتحديدا أمام شقيقه المصري.

وفيما حاول بعض أنصار المنتخب المصري أن يكون عقلانيا، من مبدأ «تواضع عند النصر وابتسم عند الهزيمة»، كانت روح التشفي حاضرة لدى آخرين، للتأكيد على عدم استحقاق المنتخبات المؤهلة للمونديال تمثيل القارة السمراء في جنوب أفريقيا.

الغريب أن الطرفين كليهما استدل في تأييد وجهة نظره ببعض ما نشرته الصحافة العالمية، سواء كانت فرنسية أو إنجليزية، مدعومة طبعا بآراء بعض محللي القنوات الفضائية العربية، الذين انقسموا على أنفسهم بين معسكر البلدين.

ورغم من إسدال الستار على البطولة القارية منذ أيام، فإن أصداء المباراة المونديالية في الخرطوم ما زالت حاضرة وبقوة في إعلام البلدين، فهاهو التلفزيون الجزائري يخصص 19 ثانية فقط للإعلان عن ختام بطولة أمم أفريقيا في أنغولا بهزيمة المنتخب الغاني الشاب في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة، لقلة الخبرة، من دون الإشارة إلى اسم الفريق الفائز باللقب.

وهذا مقدم برنامج اجتماعي على الفضائية المصرية، يندفع للتعبير عن فرحته بالفوز بالبطولة، ليبدى امتعاضه الشديد من عدم تبسم الكاميروني عيسى حياتو رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، أثناء تسلم المنتخب المصري للكأس والميداليات الذهبية، من يد جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي، مستكثرا عليه تعاطفه مع المنتخب الغاني.

وهذا رئيس الوزراء الجزائري يؤكد أن بلاده اختارت عدم التصعيد من حدة التوتر في العلاقات مع مصر، بعد الأحداث الشهيرة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقررت عدم سحب سفيرها، فيما ترفض الحكومة المصرية إعادة سفيرها إلى الجزائر الا بعد اعتذار الحكومة الجزائرية.

غريب هو حالنا - نحن العرب - رغم المشترك اللغوي والثقافي والديني، فإن أتفه الأمور ما زالت تفرقنا، حتى ولو كانت مباراة في كرة القدم، يفترض أن تنتهي أحداثها بانقضاء التسعين دقيقة المخصصة لها.

ولا أعلم كيف يمكننا أن نطلب إلى الشارع الرياضي، المنفلت أصلا، أن يكون منضبطا في مشاعره وانفعالاته ويلتزم الحياد، ويتقبل الخسارة، طالما أن قياداته الرياضية وغير الرياضية غير منضبطة أصلا؟ الأكيد أن الإعلام «الأصفر» أسهم بشكل كبير في تأجيج الصراع بين شعبي البلدين، وقد نجح حتى الآن في توسيع الهوة لأهداف، أخشى ما أخشاه أنها تسويقية.

[email protected]