اللاعب الصعقة.. والوطنية

محمود تراوري

TT

قصة اللاعب المصري محمد ناجي (جدو) هداف بطولة أمم أفريقيا في نسختها الأخيرة، ليست بالجديدة، إنها تنتمي لما يمكن أن نسميه «اللاعب الصعقة».

نعم، كان جدو يشبه صعقة كهربائية قاتلة ومذهلة.

في دراما اللاعب الصعقة استعاد العالم قصة «سالفتوري توتو سكيلاتشي» لاعب يوفنتوس الإيطالي الذي كان مغمورا جدا قبل نهائيات كأس العالم في إيطاليا 1990 إلى أن دفع به مدرب إيطاليا خلال النهائيات، فجاء جامحا من مقاعد البدلاء، وتوج في آخر البطولة هدافا لها برصيد ستة أهداف.

وإذا كان جدو لا يزال حتى الآن لاعبا في الاتحاد السكندري، فإن سكيلاتشي لم ينتقل ليوفنتوس إلا قبل فترة بسيطة من انطلاق المونديال الذي صعق فيه صعقته، ثم توارى تماما، وبقي مجرد قصة تستعاد كلما سطع لاعب يأتي في شكل (صعقة).

الآن أندية كبرى في مصر وخارجها تتسابق نحو الظفر بخدمات جدو، وثمة من يتساءل، هل سيكون جدو مجرد صعقة عابرة سرت في كأس الأمم الأفريقية، ثم تنطفئ كما انطفأ سيكلاتشي؟!

سعوديا، ربما تستعاد نهائيات أولمبياد الترشح لألعاب لوس أنجليس الآسيوية سنة 1984، عندما دفع المدرب خليل الزياني بمحيسن الجمعان من مقاعد البدلاء فكان (صعقة) استمرت فترة من الزمن، وأبدعت ردحا من الزمن. كان هناك أيضا لاعب الكوكب شايع النفيسة في نهائيات أمم آسيا في نفس الفترة، حينما سجل في المباراة النهائية أمام الصين هدفا (نفيسا) بحسب وصف أروع معلق مر على الكرة السعودية - في تقديري - علي داوود.

بينما كان لاعب الوحدة (أحمد الموسى) آخر صعقة محلية دفع بها البرازيلي آنجوس في آخر نهائيات لأمم آسيا 2007، وكان يمكن له أن يكون (جدو) السعودية، ولكنه توارى وبات الآن مصابا ينتظر التأهيل والعودة، التي الله وحده أعلم بما ستكون، هل ستكرر مصير سكيلاتشي أم تكرر قصة أسطورة طائر الفينيق الذي ينتفض من الرماد ويحلق مجددا في سماوات الحياة؟!

* عام 1990 رفض نجم الكرة الهولندية رود خوليت اللعب مع منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم، فلم يشكك أحد في وطنيته، روماريو فعل الفعل ذاته في مونديال 1998. الملك بيليه في نهائيات 1974 فعل الشيء ذاته. إنهم لا يخلطون بين الكرة والوطنية. كتابات متعددة طالعتها في معمعة بطولة أفريقيا عزفت على وتر الوطنية وأن اللاعبين المصريين حققوا البطولة لارتفاع منسوب الوطنية في أدائهم.

هذا شيء محير في تقديري، يجعلنا نشير إلى أن هناك خلطا كبيرا أو تشوشا في المفاهيم لدى الكثيرين. فالوطنية شيء آخر تماما لا علاقة له بالكرة والأداء، قدر ما يتقاطع مع منظومة القيم والحقوق والواجبات.