مصر والجزائر.. العقلاء تحركوا

موفق النويصر

TT

خيرا فعلت الحكومة المصرية بإعادة سفيرها إلى العاصمة الجزائرية بعد ابتعاد دام نحو شهرين. وقبل ذلك إصرار الحكومة الجزائرية على عدم سحب سفيرها من القاهرة، بعد الأحداث المتوالية التي أعقبت مباريات البلدين، تمهيدا للوصول إلى نهائيات كأس العالم في جنوب أفريقيا.

هذه الخطوة نتمنى أن يتبعها خطوات أخرى تتمثل في تحرك عقلاء البلدين بإلجام «جهلاء» الإعلام، ممن يتخذون من منابرهم الإعلامية وسيلة لتأجيج نار الخلاف بين الشقيقين لتحقيق مكاسب مادية رخيصة.

هذه النار التي اندفعت إليها، دون وعي، أسماء إعلامية وفنية وثقافية ورياضية كبيرة، كنا نعدها رموزا في مجالاتها، إلا أن الصوت النشاز نجح في أن يجرفها معه إلى مستنقع الكراهية والتعصب.

كمتابع محايد لما يدور على الساحة الكروية، أرى أن المنتخب المصري من أكثر الفرق العربية قدرة على تجاوز الخصوم في البطولات المجمعة، بدليل استحواذه على معظم المسابقات العربية والقارية التي شارك فيها، بخلاف ذلك البطولات ذات النفَس الطويل أو التي تعتمد على طريقة الذهاب والإياب، وهو ما يفسر غيابه الطويل عن نهائيات كأس العالم.

ولذلك لا غرابة في تحقيقه لبطولة الأمم الأفريقية في أنغولا، كما حققها من قبل ذلك 6 مرات، وفي فترات مختلفة من تاريخ الأجهزة الفنية واللاعبين. أما بالنسبة إلى المنتخب الجزائري، الذي قاتل لبلوغ نهائيات كأس العالم، فنتمنى له كعرب، أن لا يكون منتهى طموحه الوصول إلى جنوب أفريقيا، كما حصل معه في المكسيك عام 1986، حينما تَذيّل مجموعته بهزيمتين وتعادل، بل عليه أن يعيد صورة الكرة الجزائرية التي نجح نجمه أخضر بلومي ورفاقه في رسمها بإسبانيا خلال بطولة 1982، حينما نجحوا في كسب تعاطف العالم بأدائهم الرجولي داخل الملعب، ولولا المؤامرة الألمانية النمساوية التي شهدها الجميع، لكان قد حجز لنفسه مقعدا في الدور الثاني.

الأكيد أن الفريق الجزائري في بطولة أمم أفريقيا الأخيرة لم يظهر بالصورة التي كان عليها في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، بدليل أنه فاز في لقاءين وخسر في ثلاثة وتعادل في لقاء، وله أربعة أهداف وعليه تسعة.

والأكيد أيضا أن المسؤولين الجزائريين لم يتعاملوا مع هذا الوضع بالكثير من الجدية، حيث إنهم أول من أشاع الحجج والمبررات لهذا الإخفاق، بدءا من سوء أرضية الملاعب، ومرورا بالأجواء الحارة التي لعبوا فيها، وانتهاء بمؤامرة التحكيم.

ومن شاهد الاستقبال الحاشد الذي تم للفريق بعد خسارته الأخيرة أمام نيجيريا، يصاب بالدهشة ويعتقد أن هذه الحفاوة لفريق غير الذي شاهدناه في أنغولا، ووكأنهم بذلك قد أعطوا اللاعبين والأجهزة الفنية المشرفة عليه، المبرر للإخفاق مجددا، خصوصا أن البطولة المونديالية باتت على الأبواب، ولا تفصلنا عنها سوى أشهر، تعد في العمر الكروي قليلة جدا، للعمل على تجاوز السلبيات.

كل الأمل أن يشرّف الجزائر الكرة الجزائرية، ويكون خير سفير للكرة العربية، خصوصا أنه الوحيد الذي يمثلنا في هذا المحفل العالمي.