سائقة سعودية (2)

TT

بين السعودية ومصر مساحات من الحب الرسمي والشعبي، عبر عنها الاستطلاع الذي أجراه «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء المصري، بحصول السعودية على المرتبة الأولى بين الدول التي يحبها المصريون، ويعتبرونها أكثر الدول صداقة مع مصر، وتلك هي الحقيقة الراسخة، التي عبر عنها 88% من المصريين المشاركين في ذلك الاستطلاع.. ولو أجري استطلاع مماثل في السعودية لحصلت مصر على نفس المكانة، فبين المصريين والسعوديين بحر من الحب، والتواصل، والثقافة المشتركة.. هذه الروابط شكلت على الدوام مصدات طبيعية في وجه محاولات صحف الإثارة تضخيم وتكبير وتهويل بعض الحوادث الفردية التي تقع هنا وهناك للنيل من هذه العلاقة، كما حدث في واقعة السائقة السعودية التي ارتكبت قبل أسابيع حادثا مروريا نتج عنه بعض الوفيات والإصابات، وقد كتبت في حينها عن الحادث ممتدحا موقف السلطات الأمنية والقضائية في مصر على التعامل مع الحادث بموضوعية ومهنية كما تتعامل مع غيره من الحوادث، وما كنت لأعاود الكتابة حول نفس الموضوع لولا أن هالني حجم المغالطات التي حاولت صحف الإثارة إلصاقها بالفتاة مرتكبة الحادث، إذ نفى المستشار الإعلامي السعودي في القاهرة مطلق سعود المطيري في مقال له الأكاذيب التي ألصقت بالفتاة من قبل تلك الصحف مثل: مخمورة، متعاطية مخدرات، تقود سيارة هامر وزنها 2 طن على الأقل، تقود سيارتها بسرعة 160 كيلو مترا في الساعة، صدمت السائق المسكين ولم تتوقف لتسويه هو والسيارة بالأرض، وأنها أميرة، ولديها في مطار 6 أكتوبر طائرة خاصة ستحملها إلى السعودية، فالحقيقة أن الفتاة مواطنة سعودية عادية، ومن أم مصرية وأب سعودي، وقد نفت التحاليل الطبية وجود أي أثر للكحول أو المخدرات في دمها، ولا تمتلك المسكينة طائرة ولا جمل، حتى السيارة التي ارتكبت بها الحادث هي ملك الغير، وهي من نوع «شيروكي» وليس «هامر»، كما أن المسافة ـ بحسب المستشار الإعلامي السعودي ـ بين أول الشارع حيث كانت الفتاة تقف بسيارتها وموقع الحادث لا تتجاوز 20 إلى 30 مترا يستحيل أن تصل سرعة السيارة فيها إلى 160 كيلو مترا في الساعة، حتى وإن كانت بمحركات نفاثة.

وحينما نقول لصحف الإثارة تلك أن العلاقة الاجتماعية المصرية السعودية ستظل راسخة شامخة صامدة في وجه كل محاولات التشويه والإساءة لهذه العلاقة، فإننا بكل تأكيد ننزه الإعلام المصري الجاد والرصين بريادته ومصداقيته وأسبقيته من أن يكون مستهدفا بهذا المقال تلميحا أو تصريحا، فلنا في ذلك الإعلام أساتذة وزملاء يعرفون مكانهم ومكانتهم في دواخلنا، وبهم وبأمثالهم تظل العلاقة بين المجتمعين تواصل رسوخها وجمالها وحميميتها.

[email protected]