معركة أبو الغيط

TT

قبل اربع سنوات خلف أحمد ابو الغيط، في كرسي وزير الخارجية المصري، أحمد ماهر، الذي غادره بعد أن أوسعه فلسطينيون ضربا في باحة المسجد الأقصى. المفارقة أن الوزير السابق كان يوصف بأنه فلسطيني متحمس أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، خرج داميا حزينا من وزارته، واستمرت مناوشات حماس ضد المصريين تلومهم على كل شيء ولا تلوم حلفاءها السوريين وحزب الله ولا حتى عدوها إسرائيل.

أبو الغيط هو الوزير الخامس في الخارجية المصرية، ومثل سابقه، متمرس في المهنة دخل الوزارة قبل نشوب حرب 67 بعامين، وعايشها ناصريا وساداتيا ومباركيا، وبالتالي يعرف جيدا حقائق السياسة كما هي، لا كما تقال في وسائل الاعلام.

الفارق بينه وبين سابقه أنه وقف ببسالة ضد نقد حماس لمصر. وبالأمس كشف للعالم كيف أن حماس تمنع النازفين الجرحى من العبور الى مصر. كثيرون اعتبروها دعاية مصرية متعمدة لتشويه سمعة حماس، حتى ظهر أحد مسؤولي الحركة واعترف بأنهم بالفعل منعوا الجرحى، متبجحا بانهم يريدون من مصر ان تفتح المعبر بشكل دائم. موقف مشين، وفضيحة مدوية، استدرجهم الوزير المصري الى الاعتراف بها علانية، وقد اضطرت حماس الى التراجع مدعية انها لم تمنع الجرحى بعد.

من الصعب على النفس، مع دوي القصف ودماء الجرحى وصور القتلى، أن يعتبر أي كان ما يحدث لأهل غزة إلا بانه مأساة انسانية حقيقية، نتيجة متوقعة في حرب بين طرفين غير متكافئي القوة، معركة بين فيل ونملة.

أبو الغيط، الذي طفح به الكيل، لوحده حارب امس حملة الاكاذيب التي تروج لها حماس ومحورها. حماس التي كانت تتهدد العدو الاسرائيلي لو حاول الاعتداء على غزة لم تفعل شيئا أمام العدوان. لم تجد سوى عذر وحيد بليد، قالت إن مصر خدعتها بأن اسرائيل لن تهاجمها. عذر مستحيل التصديق، وحتى لو كان صحيحا لا يمكن ان يركن اليه. من يقرأ، ويشاهد التصريحات الرسمية والخاصة الاسرائيلية العلنية على مدى اسبوعين كانت صريحة في عزمها على الهجوم.

أبو الغيط استشاط غضبا من مزاعم حماس أن مصر طمأنتها، والجميع يدري ويرى أن اسرائيل تسن سكاكينها، قال حذرناهم وأوصلنا اليهم رسائل لكنهم رفضوا.

الحقيقة أن حماس لا تريد أن تتحمل مسؤولية الكارثة، فوجدت ان الهجوم على مصر خير سياسة دفاعية، في إطار معركة مستمرة منذ أشهر من قبل حلف سورية وايران ضد مصر.

ومع هذا يجب ألا نلوم حماس لأن اهدافها واضحة. فهي تنشد معركة مع اسرائيل، ولا تهمها النتائج حتى لو أفنت اسرائيل غزة، كما قال رئيس حكومتها اسماعيل هنية. حماس تريد معركة تحرج الدول العربية لتتحرك لصالحها، وتريد ان تفرض نفسها قوة سياسية رغما على السلطة الفلسطينية، بدعوى مواجهة العدو، ولا يهمها كم فلسطينيا يقتل في معركة الفيل والنملة.

واذا استثنينا وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط، فإن الجميع ساروا وراء حماس، التي ورطت مليون ونصف مليون فلسطيني بالتجويع منذ اشهر، ووصلت الآن الى مرحلة جلب التدمير. حماس تطلق صواريخ عبثية على اسرائيل فترد اسرائيل بهمجية ودموية، فيضطر الجميع الى السكوت على ما فعلته حماس حتى لا يتهموا بأنهم مع اسرائيل.

الوزير ابو الغيط يواجه لوحده غوغاء العرب، وانظمة سياسية تريد تصفية حساباتها على الدم الفلسطيني.

[email protected]