غزة

TT

في الساعات الأولى من آخر المجازر الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني كانت حصيلة القتلى هي أكثر من 250 قتيلا وما يزيد عن 900 جريح، وذلك نتاج غارات وحشية مكثفة لسلاح الطيران الاسرائيلي، الذي أطلق صواريخ هائلة من طائرات اف – 16. مجزرة غزة اسم جديد سينضم الى قائمة المجازر الاسرائيلية. كل يوم تثبت اسرائيل أنها دولة مارقة وبامتياز، وأن ممارساتها لا تقل سوءا عن الممارسات النازية. الانهيار الاخلاقي للسياسة الاسرائيلية لا يعرف له قاع ، وفي كل مناسبة تنجح اسرائيل في اكتشاف مستوى أدنى للوصول اليه. النظام الإبادي الذي تمارسه إسرائيل لا يختلف كثيرا عما مارسه الصرب في حق البوسنيين، وما مارسه الخمير الحمر في كمبوديا في حق مواطنيهم، وغيرهم من الانظمة التي سقطت. إسرائيل لا تحترم معاهدات ولا مواثيق ولا اتفاقيات ولا أديانا، بل إنها في مجزرتها الأخيرة لم تحترم حرمة يوم السبت، وهو أقدس أيام اليهود، وأطلقت فيه رصاص مجزرتها الأخيرة. كل رئيس جديد للحكومة في اسرائيل يجب أن يأتي للسلطة وهو يطفو فوق بحيرة من الدماء الفلسطينية (أو اللبنانية)، وها هو الثلاثي الأهوج نتنياهو، ليفني وباراك كل بطريقته يحاول كسب قاعدة المؤيدين في إسرائيل باظهار القوة الباطشة بأقسى صورها. في بدايات القرن الماضي أصدرت المؤسسات الاعلامية للحزب النازي في المانيا سلسلة مطبوعات توضح «العقل اليهودي» للعالم، وذلك لتبرير حملة الإبادة التي قاموا بإطلاقها ضدهم لاحقا، وبعدها بعقود كانت قوى اللوبي الاسرائيلي في الغرب تصدر مجموعات من الكتب بعناوين «العقل العربي»، وذلك لتبرير الخطط الاستيطانية للدولة العبرية في العالم العربي، ومحاولة إفهام الغرب أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في «هذه» المنطقة التي لديها نفس القيم والمعاني الحضارية والانسانية مثل الغرب. الفلسطينيون ليسوا بحاجة لمؤتمرات قمم لا ينتج عنها سوى الشجب والتنديد، ولكنهم بحاجة للمال والتبرعات الانسانية والعمل الاغاثي، فالوضع في غزة في غاية السوء والخطورة، ولتوفر تكاليف المؤتمرات التي كانت ستعقد لأجل غزة وترسل تكاليفها المقدرة كتبرعات لنجدة المحتاجين هناك. ولكن في هذه الساعات المجنونة من هذه الأحداث الموتورة، لا بد من كلمة حق توجه لصالح الفلسطينيين، وهي تتعلق بالحذر الشديد ممن يتاجرون بقضية فلسطين ولا ينتعشون إلا وأشلاء مواطنيهم واخوانهم تتكوم في خانات الضحايا، وهذه لعمري تجارة خاسرة. فليفرق الفلسطينيون بين من يريد صالحهم ومن يتاجر باسمهم وكفاحهم، رهانا على من يجرهم نحو المزيد من الموت والذل. إسرائيل دولة بلا أخلاق وعلى كل من أصيب بالهم نتيجة مجزرة غزة الاخيرة عليه المشاركة بجدية وبشكل عملي في نشر المعلومات والصور والحقائق عما حدث في غزة لكل بقاع الارض والتقنية الحديثة باتت قادرة على ذلك. انها ليس فقط معركة عسكرية ولكنها أيضا معركة علاقات عامة وأخلاق وهناك حقائق هائلة في صالح الفلسطينيين.

[email protected]