بركاتك يا سيدنا «الشيخ» أدونيس!

TT

على الرغم من أن الأديب العالمي تشيكوف يعد أحد أبرز قيادة الثقافة والمثقفين في عصره إلا أنه كان الأكثر إدراكا من بين مختلف الأدباء لأزمات بعض المثقفين النفسية، وغربتهم في عيون الناس، وكيف يصبح الناس غرباء في عيونهم أيضا، إذ أن الصراع بين المثقف والآخرين الذين لا ينضوون تحت جناح اشتراطاته الذهنية قد يقوده إلى رفض الآخر، ومحاولة تحقيره، وازدرائه.. وفي ثقافتنا العربية يمكن أن تسهم تبعية البعض العمياء للمثقف إلى تعميق أزمته، فتتضخم الذات الأحادية إلى الدرجة التي تضيق بالآخرين، وترفض وجودهم موازيا لوجوده في التأثير وقيادة الفكر..

وأخال التبعية الساذجة لبعض مريدي الناقد والشاعر العربي أدونيس أوشكت أن تجعل منه هنريك أبسن، الذي اعتاد وضع مرآة في قبعته ليتأمل ذاته من حين لآخر، فلقد عززت هذه التبعية رغبته في التفرد، والتمدد، وإلغاء الآخر، حتى ولو كان هذا الآخر خارج الدائرة التي يتحرك فيها أدونيس الطامح في احتكار كل الدوائر، والمانح صكوك المكانة لكل من وما يحيط به من شخصيات وقضايا وتوجهات، ولذا فهو لم يتردد في اعتبار الشيخ يوسف القرضاوي «فقيها صغيرا» انتهى دوره..

ومن أصدق ما قيل في أدونيس قول الناقد الدكتور عبد الله الغذامي بأن أدونيس يمثل الرجعية بصيغة الحداثة، وأنه صار أبا لمجموعة من المريدين والأتباع الذين لا يقبلون بأي نقد يوجه إليه، وأن ذلك نوع من العبودية والتصنيم الثقافي، الذي ينتج في النهاية أشخاصا ديكتاتوريين وطغاة.. ولم تمر محاولة الغذامي الاقتراب من مياه «الشيخ» أدونيس الإقليمية المحرمة من دون أن تناله لعنته، حيث بادر ببث سموم الكلام في وجه الغذامي وهو يقول: «الغذامي إمام مسجد، وليس ناقدا»، ولو افترضنا جدلا أن الغذامي إمام مسجد فهل يعني ذلك وفق قانون أدونيس حظر اقترابه من حرم الشعر والنقد؟! والممنوع هنا مسموح هناك، فمن حق أدونيس وحده أن يتنقل في كل المربعات بحرية متى شاء، وكيفما رغب، فيفتي في الدين والشعر والنقد وثقب الأوزون، ويصف عالما مثل القرضاوي بأنه فقيه صغير انتهى دوره..

ولا نملك إلا أن نقول: بركاتك يا سيدنا الشيخ أدونيس.

[email protected]