مبارك رئيس غزة؟

TT

يحاسب الإخوة العرب الرئيس المصري حسني مبارك وكأنه رئيس غزة المنتخب. مسؤولية غزة، يا جماعة، لا تقع على مبارك، ولكن تقع على رئيس وزرائها المنتخب إسماعيل هنية. ما دخل مبارك بغزة؟ مبارك مسؤول عن شعبه فقط، وهنية مسؤول عن شعبه الذي انتخبه في غزة. أما أن «يبوّظ» هنية الدنيا، ويطلب من مبارك أن يصلحها له فهذا استعباط، لا سياسة. غريب أن من قرر الدخول في مشكلات مع الغرب ومع إسرائيل ومع دول الجوار لا يسأل عما يفعل أو عن نتيجة أعماله التي أدت إلى تجويع شعب غزة، ونلقي باللوم على حسني مبارك. الرئيس مبارك مسؤول أمام شعبه عن حماية الحدود المصرية من التهريب والمهربين ومن الإرهاب والإرهابيين، وإذا ما قرر تشديد الإجراءات الوقائية على حدود مصر، فهذا حقه، لأن أي حادثة تقع في مصر كما حدث في تفجيرات شرم الشيخ التي قامت بها عناصر من حماس، فالشعب لن يلوم هنية، بل سيلوم مبارك. المصريون، حالما يحدث تفجير إرهابي يقوض اقتصادهم المبني على السياحة أساسا، لن يلوموا النائب البريطاني جورج غلوي وقوافله المكونة من بضع سيارات.. الشعب المصري سيلوم مبارك.

غزة تعاني كارثة إنسانية، هذا أمر لا شك فيه، ولكن الكارثة الإنسانية الأولى لغزة هي شيء اسمه حماس، مجموعة من البشر غير المسؤولين تضحي بحياة البسطاء من أجل تحقيق انتصارات على الشاشات لا على الأرض. الكارثة الإنسانية هي حماس، ولا تحل هذه الكارثة بأربع أو خمس سيارات قادمة في قافلة من أوروبا تبتغي نصرا تلفزيونيا، ولن تحل إلا بحل حكومة حماس وانتخاب حكومة أخرى قادرة على إدارة علاقاتها مع العدو ومع الصديق.

مبارك يحاسَب على ما يحدث في مصر، أما ما يحدث في غزة ومنذ أعوام فيحاسَب عليه إسماعيل هنية وجماعته الذين ورطوا أهل غزة في سياسة التجويع والعوز والحاجة. حماس هي التي حولت مجتمع غزة من شعب منتج إلى شعب يتسول المعونات، وغير ذلك كلام فارغ لا يساوي قيمة الحبر المكتوب به.

مبارك ليس رئيس غزة، هنية هو رئيس وزراء غزة. مسؤولية الجوع في غزة، وبكل صراحة، لا تقع على مبارك أو حتى على إسرائيل، مسؤولية الشعوب تقع على حكوماتها أولا، شعب غزة اختار حماس وهنية وهم المسؤولون عن الحالة المزرية التي نراها، فإن أراد أهل غزة أن يتخلصوا من هذا الوضع عليهم أن يختاروا حكومة جديدة، حكومة تتحمل المسؤولية ولا ترحلها على الآخرين. ترحيل مشكلات غزة على مصر، هي لعبة مكشوفة. مصر لديها مسؤولية أخلاقية تجاه غزة وفلسطين، ولكن هذا يأتي بعد أن يتحمل الفلسطينيون المسؤولية أولا، مصر تساعدهم، وليست بديلا عنهم. ألم يقل ذلك الفلسطينيون للسادات عندما أراد أن يتفاوض بالنيابة عنهم في كامب ديفيد؟ ألم يقل ذلك الفلسطينيون للملك الأردني الراحل حسين أيضا؟

إنه لسخف تروجه شلة من المراهقين، عندما يحمّلون مصر والرئيس مبارك مسؤولية تجويع أهالي غزة. المسؤولية تقع أولا وأخيرا على أهل غزة واختياراتهم السيئة، ثم على حماس. مبارك مسؤول عن المنصورة وأسوان والإسماعيلية ومطروح، غزة ليست ضمن محافظات مصر التي انتخبت مبارك.

كلمة أخيرة للفنانات المناضلات اللواتي يؤيدن حماس كما أيد في السابق بعض الفنانين صدام حسين، أتمنى أن تجرب هؤلاء الفنانات ذوات الشعور المرسلة على الأكتاف الحياة تحت حكم حماس، حتى نرى إن كن يستطعن تحمل رؤية حماس للمرأة والقوانين التي تفرضها على إمارة غزة. أما الأخ جورج غلوي والمتاجرين بقضية غزة للظهور على الشاشات العالمية بعد أن فقدوا أي بريق في بلادهم، فهم يسحبون من رصيد مصر السياسي للتغطية على العجز في رصيدهم المحلي، تماما كما تفعل الشركات المفلسة. ومن هنا أدعو الإخوة ممن يحمّلون مصر المسؤولية أن يسألوا أنفسهم سؤالا بسيطا جدا ولكنه المفتاح للخروج من هذه الجعجعة، وهو: مَن رئيس غزة الذي يدير مركبها والمسؤول عن أمان وأرواح ساكنيها؟ بالتأكيد «مش» مبارك.