تحية للآلاف الذين ساهموا في مساعدة متضرري سيول جدة

TT

أنا مواطن كندي أعيش في الرياض مع زوجتي، وهي مسؤولة دبلوماسية بالسفارة الكندية في الرياض. بعد قليل من وصولنا إلى المملكة، سنحت لي الفرصة لزيارة جدة. وبدلا من أن أكون سائحا في المدينة، انتهى بي الأمر متطوعا كآلاف مثلي من المتطوعين للمساعدة في برنامج الإغاثة الذي وضع لمساعدة ضحايا السيول التي اجتاحت المدينة يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009.

لقد سمعت عن العملية العاجلة لتوزيع الطعام التي يقوم بها مركز المؤتمرات في جدة. وذهبت إلى هناك وقدمت نفسي للمسؤولين الذين يديرون المشروع ويقومون بالإشراف عليه، وعرضت المساعدة، حيث إن لدي خلفية عن إدارة المؤسسات الخيرية والمشاريع غير الربحية، بما فيها عمليات توزيع الطعام في الظروف الطارئة، وعن إدارة الأعمال التطوعية، وتم قبول العرض الذي تقدمت به بكل لطف ومودة. خلال الأيام الخمسة التي تلت ذلك عرفت كثيرا عن العملية.

بعد أسابيع قليلة، توسعت العملية وزاد عدد المتطوعين؛ من قليلين يقومون بتوزيع الطعام، إلى برنامج كبير موحد لجمع وتوزيع الطعام والملابس والأدوات والمعدات المنزلية والأغراض المدرسية.

وخلال العمل مع المتطوعين الذين شاركوا في أعمال الإغاثة من دون كلل، أصبح من الواضح أن الجهات التي قدمت خدماتها، من «الغرفة التجارية الصناعية» في جـدة التي قدمت مساعدة مهمة في تنظيم وتنسيق جهود الإغاثة، إلى المنظمات التي لا تهدف للربح، والمواطنين الذين هبوا للمساعدة، والدفاع المدني وأفراد الجيش والقوات المسلحة الذين حافظوا على النظام وساعدوا في عمليات الإنقاذ والعودة إلى الأوضاع العادية.

لقد سنحت لي الفرصة لزيارة الأماكن الأكثر تضررا، ورأيت الأفراد المتطوعين على الطبيعة. تحدثت إلى رجل كان قد أتم إزالة الطمي والأوحال والأنقاض التي خلفتها السيول عن منزله، حيث كان مستوى المياه قد ارتفع لأكثر من مترين. وأشار الرجل إلى جار له وقال: «ذلك الرجل أنقذ أرواح أبنائي». في الوقت الذي كنت أقوم فيه بزيارة تلك المنطقة، كانت أعمال التنظيف تجري على قدم وساق، كما استمر العمل في المناطق التي تجري فيها الإغاثة الطبية العاجلة وأعمال المراقبة والسيطرة على الأمراض والتخلص من النفايات، بيد أنه كان هناك كثير بانتظار الإنجاز. وعلى الرغم من أن الأجواء البيئية في المنطقة كانت صعبة، فإن الأطفال كانوا يلعبون الكرة في الشارع.

وأود هنا أن أنقل أطيب التحيات لجميع الأفراد الذين شاركوا في الأعمال التطوعية من الذين قابلتهم، ومن الآلاف غيرهم الذين ساهموا بوقتهم ومهاراتهم وبعملهم الشاق الدؤوب في المساعدة على تخفيف الآلام والمعاناة لأولئك الذين تعرضوا للسيول. ولكوني مواطنا كنديا، فإنه يسرني أنني قد شاركت في العمل التطوعي مع كثير من المواطنين السعوديين الموهوبين الذين يهمهم مصلحة بلدهم ومواطنيهم.

* كندي مقيم في الرياض.. عمل لسنوات كثيرة في القطاع الإغاثي غير الربحي في كندا ومتطوع خيري دائم