كليوباترا وأنطونيو.. على طريق الكباش!

TT

يا له من مشهد مثير.. لا يفارق مخيلتي أبدا.. عندما ترد على خاطري «كليوباترا»، تلك الملكة المصرية العظيمة، إحدى أشهر ملكات مصر في التاريخ كله..

إنه مشهد الحارس العملاق وهو يحمل سجادة مطوية على كتفه يلقيها أمام يوليوس قيصر، لتخرج منها الملكة «كليوباترا» وتطلق سهامها إلى قلب أقوى رجل في العالم القديم في ذلك الوقت.. هذا المشهد الذي صورته جميلة هوليوود صاحبة العيون الزرقاء إليزابيث تايلور في فيلمها الخالد «كليوباترا».

لكن الذي حدث بعد هذا المشهد المثير أن اغتيل يوليوس قيصر في روما بعد أن كان قد أنجب من كليوباترا ابنه قيصرون، وجاء إلى مصر القائد الروماني مارك أنطونيو بقلب مملوء بالانتقام من الملكة الجميلة.. إلا أنه وقع في حبها بعد اللقاء الأول الذي جمعهما، لتبدأ بعده إحدى أشهر قصص الحب في التاريخ الإنساني، وجعلت هذه القصة كثيرا من الأدباء، بل والعلماء، يتساءلون: «هل أحبت حقا الملكة الجميلة كليوباترا مارك أنطونيو بعد أن أحبت يوليوس قيصر.. أم أنها لم تحب أحدا منهما؟.. وهل كانت الملكة تخطط لوضع أهم وأقوى رجلين في العالم أسيرين لحبها، ومن خلالهما تستطيع أن تحكم العالم من مصر؟».

منذ أيام قليلة وقفت أمام اسم الملكة الساحرة منقوشا داخل خرطوش بجوار معبد الأقصر ومعبد الكرنك، حيث كان يوجد نحو 1350 تمثالا لأبو الهول تحد عن اليمين والشمال طريقا دينيا يسمى بطريق الكباش يربط بين معبدي الأقصر والكرنك.. وكان موكب الإله «آمون» سيد الكرنك يمر عليه محمولا على أكتاف الكهنة لكي يزور «آمون» زوجته الإلهة «موت» بمعبد الأقصر..

وأثناء الحفائر للكشف عن هذا الطريق عثرنا على خرطوش الملكة الجميلة.. وبمجرد قراءتي اسم الملكة عدت إلى الماضي وأنا أتخيل «كليوباترا» وقد أحضرت معها القائد الروماني مارك أنطونيو على متن السفينة الملكية النيلية لزيارة آثار الأجداد على ضفتي النيل الخالد، لكي تقدمه إلى آثار الفراعنة وتاريخهم وتحد من غطرسته الرومانية التي لم تكن ترى عظمة إلا فيما هو روماني..

وكان من بين جولات الملكة والقائد الروماني زيارة معابد الكرنك الرائعة ومقابر الفراعنة بوادي الملوك. ومن دون شك وقفت الملكة «كليوباترا» ومارك أنطونيو أمام معبد الأقصر بين طريق الكباش، وأمرت بأن يتم ترميم تماثيل أبو الهول الموجودة.. وفعلا بدأ الكهنة والمهندسون والمرممون بتنفيذ تعليمات الملكة وحفروا اسمها على إحدى قواعد الكباش تخليدا لذكرى الزيارة والمرسوم الملكي بترميم آثار الأجداد.

ورغم كل ما فعلته «كليوباترا» فإن بعض الأجانب ما زالوا يشككون في موضوع سحر وجمال «كليوباترا»، حتى إن أمينة قسم اليوناني الروماني بالمتحف البريطاني أعلنت من قبل أن «كليوباترا» كانت ملكة قبيحة، وأنفها طويل، بل وممتلئة الوجه، وذلك من خلال شكل الملكة المصور على العملات التي ترجع إلى عصر «كليوباترا».. هل يمكن للملكة التي أسرت قلبي أقوى رجلين في العالم القديم أن تكون قبيحة حقا.. أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد غيرة نساء؟!