سيدي الرئيس.. بعض القيادة من فضلك

TT

الأسبوع الماضي، بعث الناخبون برسالة قوية بخصوص القيادة، وكان لسان حالهم يقول: أرونا بعض القيادة من فضلكم. ومع ذلك لا يبدو حتى الآن أن أيا من الرئيس أوباما أو كبار الأعضاء الجمهوريين بالكونغرس يولون هذه الرسالة أدنى اهتمام.

خلال المقابلة الوحيدة التي أجراها منذ ثورة الحزب الجمهوري الأخيرة، بدا أوباما في حديثه إلى ستيف كروفت ببرنامج «60 دقيقة» منطقيا في حديثه، وذا ميول تحليلية وأكاديمية، لكنه بدا أيضا مفتقرا إلى الإلهام ولم يبدُ مصدرا للإلهام. بصراحة، أعتقد أنه عندما سأله كروفت حول ما الذي حدث لـ«سحر» أوباما، أثار رد فعل الرئيس انطباعا بأن التساؤل ذاته يحيره.

وأعني من قولي أنه بدا مفتقرا إلى الإلهام أنه لم يكن هناك ما يوحي بأن أوباما يستمتع بالمعارك السياسية المنطوية على مخاطر كبرى التي سيحملها قطعا العامان القادمان. على سبيل المثال، لم يكن هناك أدنى مؤشر على تطلعه نحو فرصة لإحراج الجمهوريين بشأن المطالب غير الواقعية حيال تقليص الميزانية التي يقولون إنهم يرغبون في تنفيذها. وأعني من قولي إن أوباما لم يبدُ مصدرا للإلهام أنه لم يطرح رؤية لمستقبل أفضل، وإنما بدلا من ذلك رسم صورة لمستقبل ليس بذات القدر من الكآبة كما هو الحاضر.

وقال أوباما إنه تعلم أن «القيادة ليست مجرد إقرار تشريعات»، وإنما أيضا «مسألة إقناع الأفراد... ومنحهم الثقة وجمع صفوفهم معا... وتحديد النبرة السائدة». واعترف بأنه «لم نكن دوما ناجحين بهذا الأمر»، ثم شرع في عرض مثال.

وطبقا لنص المقابلة الكامل، سأله كروفت: «هل تشعر بأن عزيمتك قد ثبطت؟ هل أُصبت بوهن في عزيمتك الآن؟»، وأجاب أوباما: «أصبت بالفعل بشعور بخيبة الأمل. كنت أظن أن الاقتصاد سيتحسن الآن. أعتقد أن من الأمور التي تدركها أنه كرئيس تعد مسؤولا عن كل شيء، في الوقت الذي لا تسيطر على كل شيء، أليس كذلك؟ خصوصا عندما يتعلق الأمر باقتصاد على هذا القدر من الضخامة. هناك أدوات محدودة لتشجيع نمو الوظائف على النحو الذي نحتاج إليه. ودائما ما يجري تذكيري بأنه سبق أن مررنا بفترات أسوأ من الفترة الراهنة ودائما ما خرجنا منها متربعين على القمة. ولدي ثقة بأن الأمر ذاته سيحدث هذه المرة. كما تعلم، ستقع انتكاسات، وقد نتخذ خطوتين إلى الأمام وخطوة إلى الخلف، لكن مسار هذا البلد دائما يكون إيجابيا».

في الواقع، أرى أن الرؤساء غير مسموح لهم بالشعور بخيبة الأمل، رغم أن قولي هذا قد يكون ظالما، وغير مسموح لهم أيضا بالحديث عن القيود التي يواجهونها في عملهم، أو حقيقة أنه يجري تحميلهم مسؤولية كل شيء بداية من الظروف المناخية السيئة ووصولا إلى عدم وجود نظام يقضي بعقد مباراة فاصلة في بطولات كرة القدم على مستوى الجامعات. أيضا غير مسموح للرؤساء الاعتراف بتقبلهم فكرة اتخاذ «خطوة إلى الخلف»، كما أنه لا ينبغي للرؤساء الحديث عن الأمور الإيجابية باعتبار أنها «ستحدث»، بدلا من القول بأنها «تحدث بالفعل».

قد يعثر أوباما على سحره المفقود خلال زيارته للهند ودول آسيوية أخرى، إلا أنه مثلما ذكر النائب جون بويهنر، الذي يعتقد أنه الرئيس الجديد لمجلس النواب، فإن الرئيس هو الذي «يحدد الأجندة» داخل واشنطن. جدير بالذكر أنه في اليوم التالي للهزيمة المنكرة التي مُني بها في انتخابات التجديد النصفي عام 2006، طرد جورج دبليو بوش وزير دفاعه دونالد رامسفيلد من منصبه. ويعد إجراء تغيير وزاري أحد الأساليب التقليدية لجعل الناخبين يدركون أن الإدارة عاقدة العزم على المضي قدما، من التحسر على اضطرارها إلى الحكم في أوقات اقتصادية سيئة.

المثير أنه في ما يخص القيادة الإيجابية المتطلعة قدما، يطرح الجمهوريون بديلا أدنى بكثير. والواضح أن بويهنر وميتش مكونيل، زعيم الأغلبية داخل مجلس الشيوخ، ركزا اهتمامهما على مستوى أدنى كثيرا، حيث يتحدثان عن السيطرة على الإنفاق الحكومي وتقليص العجز بالموازنة، بينما يفتقران إلى خطة لتحقيق هذه الأهداف، ولا يبدي أي منهما استعدادا للكشف عن تفاصيل محددة على الأقل. مثلا، لا يحددان أي النفقات يرغبان في تقليصها، وكيف ينويان التعامل مع المستحقات المالية.

ويبدو أنهما عاقدان العزم على قضاء العامين المقبلين في تنظيم الأصوات لتقويض ما فعله أوباما. الواضح أن الرأي العام منح أوباما إجازة شهر عسل يمكنه خلالها الانغماس في «إلقاء اللوم على بوش» على مدار شهور قلائل. لكنني على ثقة من أن شهر العسل الذي سيحصل خلاله بويهنر ومكونيل على رخصة «إلقاء اللوم على أوباما» ستكون أقل.

من ناحية أخرى، يبدو أن الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس الأكثر ليبرالية بكثير أمامهم أجندة واضحة تدور حول المضي قدما وسريعا في حملة إصلاح ذات طابع تقدمي. أيضا، يملك الجمهوريون المنتخبون حديثا من جماعة «حفل الشاي» أجندة واضحة تدور حول التحرك باتجاه الخلف بأقصى سرعة، حتى نصل إلى عام 1789. وإذا لم يبدِ أي طرف آخر رغبته في تولي القيادة، سيتقدم المفعمون بالحماس والأفكار للقتال حول من يدير دفة السفينة، والخوف كله أن نصطدم حينها جميعا بجبل جليدي.

* خدمة «واشنطن بوست»