العلاقات العامة واجهة الإدارة

TT

شنت قبل سنوات حملة إعلامية ضارية في أميركا ضد مطاعم الوجبات السريعة، «ماكدونالدز»، بحجة أن أكلها غير صحي، وتحديدا بعد أن عكف شخص على تناول وجباتها يوميا لمدة شهر كامل فظهرت لديه مؤشرات مرضية وصفت بالخطيرة، وبثت تفاصيلها في فيلم وثائقي أثار ضجة كبيرة. الشركة سارعت بدورها إلى طرح حملة دعائية مضادة نجحت من خلالها في تذكير الناس بالمكونات الطبيعية في أطعمتها، وأن صحة المرء مرتبطة بمجهوده البدني وليس الغذائي فقط. ولم تكن هذه الحملة الوحيدة الناجحة، فنحن نسمع على مدار العام عن حملات دعائية تطلقها الإدارة العليا عقب اضطرارها للإعلان عن سحب عجلات سيارات من الأسواق أو ألعاب أطفال أو أجهزة منزلية، بحجة أن فيها عيبا مصنعيا قد يشكل خطورة على حياة الإنسان.

وكم من سياسي أخرجته حملة علاقات عامة ناجحة من ورطته مثل حال الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عقب محاكمته الشهيرة في فضيحة علاقته الحميمة مع المتدربة في البيت الأبيض، حيث نشط لاحقا في أنشطة خيرية متنوعة، ثم فاز بدورة رئاسية جديدة.

إدارة الأعمال الحديثة صارت تعد العلاقات العامة نشاطا إداريا، وباتت تدرج في مناهجها فصلا كاملا عنها، نظرا لأهميتها المتزايدة. وبدأت بنوك عربية عريقة في وضع إدارة العلاقات العامة في الدور نفسه الذي يقع فيه مكتب المدير العام، وذلك مؤشر على أهمية هذه الإدارة التي تستقبل كبار الضيوف ويمكن أن تقلب الرأي العام السلبي تجاه شركة عامة إلى إيجابي بحملة مدروسة من «مهنيين» وليس ممن لا ناقة لهم ولا جمل في هذا المجال.

ورغم هذه الأهمية فإن بعض المؤسسات لم تستوعب حتى الآن أن العلاقات العامة يمكن أن تكون دعاية مجانية. إذ أذكر أنني قد تقطعت بي السبل للحصول على موافقة بنك عربي للسماح لفريق عمل بتوزيع استبانة رسالتي في الماجستير عن نظرة العملاء تجاه خدمة البنك، وقلت لهم إن نتائج الدراسة إن كانت إيجابية يمكن أن تنشر من قبلكم في تصريح صحافي، وتعهدت لهم كتابة بأنني لن أفشي نتائجها للعامة إلا من خلالهم فتجاهلوني! ثم أظهرت نتائج الدراسة بأن العملاء لديهم ولاء كبير جدا للبنك، فحرم هذا البنك من دعاية مجانية لأنه وضع من لا يفقه أهمية العلاقات العامة في إبراز دور المنظمة ومكانتها بالمجتمع.

العلاقات العامة فن من فنون إدارة ردود فعل المجتمع تجاه منظمتك.

* كاتب متخصص في الإدارة

[email protected]