النظافة من الإيمان

TT

إليكم هذه الرواية الخيالية الهزيلة:

كان الأمير يتمشى في شوارع بلده والألم يطغى على نفسه، حتى لتكاد الدموع تطفر من عينيه، كان التراب يطغى على الشوارع، والماء يتجمع في المنعطفات فتبدو كأنها المستنقعات، وعاد إلى قصره محزونا يفكر في هذه الحال، ونادى وزراءه وجعل يشاورهم في الأمر، فقال واحد منهم: مولاي أعطني عشرة آلاف جنيه وأمهلني شهرا، ثم انظر إلى الشوارع بعد ذلك كيف تكون!، فهز الأمير رأسه وقال: شهر؟، لا أستطيع أن أنتظر شهرا!

وقال آخر: مولاي أعطني عشرين ألف جنيه، وأمهلني أسبوعا واحدا ثم انظر إلى شوارع بلدك كيف تصبح!، فقال وزير المال: عشرون ألفا! سبحان الله لا أستطيع!

وسكت الأمير، وسكت الوزراء، وطال السكوت، ونهض الأمير فخرج من قصره فأبصر رجلا يبدو في عينيه الذكاء، فقال له: كم من الوقت تحتاج لكي تنظف لي بلدي؟!، فنظر إليه الرجل باسما وقال: ربع ساعة يا مولاي!، فبُهت الأمير، وقال: ربع ساعة!، لا بد أن ذلك يكلف مليونا من الجنيهات؟

فعاد يقول: ولا حتى قرش واحد.

قال: أنت تسخر منا أيها الهازل!

رد عليه: معاذ الله يا مولاي!

قال: إذن كيف يتم ذلك!

رد عليه: مولاي مُر هذا الشعب بأن يكنس كل فرد منه أمام بيته!

من المعروف عني أنني لا أنصح أحدا، ولا أتقبل النصيحة من أحد، ولكنني أتعجب فقط من أمة الإسلام هذه التي يحثها دينها طوال (1432) سنة على النظافة والتطهر والوضوء خمس مرّات في اليوم الواحد، ومع ذلك لا تتورع المرأة عن رمي (زبالتها) في الشارع، ولا يتورع الرجل عن البصق وحتى التبول - أعزكم الله - في الشارع.

وكيف أن ديار بعض المسلمين هي من أقذر بلاد العالم؟!، رغم أن ثقافة النظافة ليست مكلفة إلى هذا الحد، فأرخص ما رخص الله الصابون، والقليل من الماء يكفي، (والشاطرة تغزل برجل حمار).

ومن أراد أن يتأكد من كلامي ولوعتي، عليه أن يدخل أحد المساجد المكتظة بالمصلين في يوم الجمعة - على شرط أن يفتح عينيه ولا يسد أنفه - رغم أن ديننا العظيم لا يحضنا على النظافة فقط، ولكنه يحضنا أيضا على أن نأخذ زينتنا عند كل صلاة - تصوروا (زينتنا) -، يا جماعة لا نريد منكم أي زينة، فنحن نسامحكم فيها، نريد فقط النظافة لا أكثر ولا أقل، والله يرضى عليكم (من عطركم لا تخيسونا).

فهل مقولة الإمام (محمد عبده) صحيحة: أن هناك إسلاما بلا مسلمين، وأن لدينا مسلمين بلا إسلام؟!، أم أنني أهذي بما لا أدري؟!

[email protected]