كنت أدير برنامج الاستجواب

TT

قد يعتقد البعض أنه من الخطأ أن أدين تقريرا لم أقرأه بعد، لكن نظرا لأن التقرير يدين البرنامج الذي كنت أديره فأعتقد أن لدي مبررا لذلك.

كانت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ قد صوتت يوم الخميس لرفع السرية ونشر مئات الصفحات من تقريرها بشأن الممارسات الأميركية لاستجواب الإرهابيين. وقد زعم أعضاء بعينهم في مجلس الشيوخ كيف كانت النتائج مدمرة، قائلين إن برنامج وكالة الاستخبارات لم يكن مثمرا، وجرت إدارته بصورة سيئة وجرى الترويج له بشكل مضلل. وعلى عكس أعضاء اللجنة، فليس لي أن أقيم البرنامج، فقد كنت مسؤولا عن إدارته، وأعلم أنه أسهم في الحصول على معلومات استخبارية بالغة الأهمية ساعدت في القضاء على تنظيم القاعدة وإنقاذ أرواح الأميركيين.

بدأ أعضاء اللجنة باستنتاج في عام 2009 وسعوا وراء أدلة داعمة له منذ ذلك الحين. ولم يتحدثوا على الإطلاق إلي أو إلى كبار قادة وكالة الاستخبارات المركزية المشاركين في البرنامج، أو السماح لنا برؤية التقرير. ومن دون مراجعته لا يمكنني تقديم رد مفصل، بيد أن هناك عددا من الأمور التي ينبغي على المواطن العادي معرفتها.

الأمر الأول هو السياق، فبرنامج الاحتجاز والاستجواب لم ينشأ من فراع، فقد وضعت لبناته الأولى في الأشهر التي تلت هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 التي راح ضحيتها أكثر من 3000 شخص. وجرى تنظيمه بعد وقت قصير من محاولة ريتشارد ريد الفاشلة تفجير طائرة بمتفجرات أخفاها في حذائه. واستمر لعلم وكالة الاستخبارات الأميركية بلقاء علماء باكستانيين منشقين مع أسامة بن لادن لمناقشة إمكانية تصنيع قنابل نووية.

وعندما اعتقلنا أبو زبيدة، أحد كبار قادة تنظيم القاعدة في عام 2002، عملنا أنه يستطيع مساعدتنا على تعقب إرهابيين آخرين وقد يزودنا بمعلومات تسمح لنا بوقف هجوم آخر. أما من طالبوا بضرورة استجوابه بوسائل أكثر رقة، فإنهم لم يشعروا على الإطلاق بعبء حماية أرواح بريئة.

الأمر الثاني هو الفاعلية. ولا أعلم ما الذي تعتقد اللجنة أنها وجدته في الملفات، لكني أعلم ما لمسته على أرض الواقع، وهو أن البرنامج قدم معلومات حيوية بشأن العمليات وقيادة «القاعدة». وعمل الاستخبارات مثل ترتيب قطع أحجية تصل إلى ألف قطعة دون صورة كاملة لها، إضافة إلى ملايين القطع الإضافية. بدأ أعضاء اللجنة النظر إلى الصورة بعد اكتمال ترتيب كل القطع وقالوا إن اللغز سهل.

لم يكن برنامج الاستجواب خاليا من الأخطاء، لكننا حددنا وأقررنا بأخطائنا، وقد أبلغنا وزارة العدل بالأخطاء المشتبه في ارتكابها، في الوقت المناسب.

الأمر الثالث هو السلطة. هذا البرنامج لقي موافقة من أعلى مستويات الحكومة، وحكم بقانونيته من قبل وزارة العدل ويقدم تقاريره بصورة منتظمة إلى قادة لجان الإشراف في الكونغرس. ولم تكن هناك أية مساعٍ لتضليل الإدارة أو الكونغرس بشأن البرنامج. وفي عام 2006 وسع مايكل هايدن، مدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك، من هذه التقارير الموجزة بشكل كامل بشأن البرنامج لتشمل كل أعضاء لجان الإشراف على الاستخبارات. وإنه لمن السخرية أن توصم جهود الشفافية هذه الآن بغير الكافية والمضللة.

وعندما تنشر أجزاء من هذا التقرير، أتمنى أن ينشر أيضا رد وكالة الاستخبارات المركزية، لافتة إلى تحليلها المعيب. وقبل نشر أي شيء ينبغي على السلطات أن تتأكد أننا لا نريد أن نجعل عمل من سيضطلع بالمسؤولية بعدنا، والذين يحاولون منع وقوع المزيد من الهجمات الإرهابية، أكثر صعوبة.

* الرئيس الأسبق للخدمات السرية الوطنية بوكالة الاستخبارات المركزية ومؤلف كتاب «تدابير صارمة: كيف أنقذت أعمال سي آي إيه العدائية حياة الأميركيين بعد 11 / 9».

* خدمة «واشنطن بوست»