انتخابات وقطة

TT

ترى هل يوجد بتركيا لوبي للقطط ليضاف إلى «معدل فائدة اللوبيات» وغيرها من المؤامرات التي لا تصدق، التي تقول بها الحكومة في محاولاتها لزعزعة البلد؟

لكن ذلك أقل تفاهة مما يبدو (رغم أنه صنع الكثير من المرح لمحبي «تويتر» في تركيا). ومع مرور الأيام منذ الانتخابات البلدية غير المتكافئة الأهمية يوم الأحد الماضي، انهدم أحد أعمدة الحياة السياسية في البلاد، وهو مفهوم حرية وعدالة الانتخابات. وثارت شكوك الكثير من الأتراك يوم الانتخابات بسبب سلسلة من انقطاع الكهرباء غير المحتملة إحصائيا، التي شملت حسب تقارير الأخبار المحلية 40 مدينة في أكثر من 20 محافظة تركية خلال إحصاء الأصوات في انتخابات الأحد، مما اضطر إلى اللجوء إلى إحصاء الأصوات تحت ضوء الشموع في بعض الحالات.

وألقى وزير الطاقة تانر يلديز باللوم في ذلك على قطة دخلت إلى المحطة الفرعية وقطعت التيار الكهربائي في العاصمة أنقرة. لكن صورة القطط (الكاميكازي) الضالة المنطلقة عبر البلاد الممتدة من بلغاريا إلى إيران، لتقطع التيار في محطات الكهرباء الفرعية، استحوذت على مخيلة مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في تركيا، فنظريات المؤامرة مستشرية.

ومنذ ذلك الوقت وحزب المعارضة الرئيسي «حزب الشعب الجمهوري» يعرض أكياسا من بطاقات الاقتراع المهملة الخاصة بالمعارضة التي يقول إنها وجدت في إحدى المحافظات، إضافة إلى تضاربات كثيرة بين البطاقات المكتوبة وأرقام الإدخال الخاصة بها في مناطق أخرى. وتوصل إحصائي في السويد إلى أن من الصعب تفسير العلاقة بين صناديق الاقتراع الضخمة التي تحتوي على أعداد كبيرة من بطاقات الاقتراع غير الصالحة والأعداد التي جاءت لصالح حزب العدالة والتنمية. ورغم عدم إثبات أي شيء حتى الآن، فإن أحزاب المعارضة تقدمت باستئنافات ضد نتائج الانتخابات في عدة مدن. وبما أن هذه انتخابات بلدية فإن الاحتيال قد يغير النتائج في سباقات ضيقة بما في ذلك أنقرة، فقد أظهر إحصاء الأصوات الأولي هامشا قدره واحد في المائة لصالح مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم مليه غوشك.

وصرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان وحزبه بأن التصويت كان عادلا وأنهم يتطلعون لمرحلة ما بعد فوزهم، التي حسمت مسألة استمرار شعبية رجل تركيا القوي. وقال يلديز اليوم إن إردوغان سيقرر مع الرئيس التركي عبد الله غل من منهما سيترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في أغسطس (آب) المقبل، في ترتيب يعيد إلى الأذهان بشكل مخيف الطريقة التي قرر بها رئيس وزراء روسيا حينها فلاديمير بوتين والرئيس الروسي حينها ديمتري ميدفيديف من سيترشح للمنصب في روسيا عام 2012. وكما حدث في روسيا فإن الرجل الذي يتمتع بالقوة الحقيقية (إردوغان) هو الذي سيختار.

على مسؤولي الانتخابات في تركيا الموافقة على إعادة إحصاء الأصوات وبشفافية، فمن الصعب استعادة الثقة في عدالة الانتخابات فور فقدانها. ومع ذلك يفوت على المعارضة أمر مهم؛ فقد حول إردوغان الانتخابات البلدية تلك إلى استفتاء على مستوى البلاد على حكمه، وكانت النتيجة فوزا واضحا بنسبة 46 في المائة لصالح الحزب الحاكم، مقابل 28 في المائة لصالح حزب الشعب الجمهوري في حصر الأصوات الأولي على مستوى الجمهورية.

على أحزاب المعارضة في تركيا التطلع إلى الأمام أيضا. وعليها التوصل إلى كيفية إحداث خرق في هيمنة إردوغان قبل أغسطس، حيث قد يواجهونه في أول انتخابات رئاسية مباشرة في البلاد. ومن الصعب تصور نجاح أحزاب المعارضة في ذلك مع عدم حدوث ركود اقتصادي كبير خلال فترة ما قبل الانتخابات.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»