«أبوظبي».. لا شيء يقف أمام الأجمل!!

TT

قبل نحو عام انحازت المطربة شيرين للمطرب الفلسطيني محمد عساف، بينما لم ينل ابن بلدها المصري أحمد جمال نفس القدر من الاهتمام. أثنت في البداية على صوت وأداء جمال ثم قالت، إن عساف موهبة يندر تكرارها، وهكذا حسمت الرأي لصالحه فأصبح هو مطرب «أراب أيدول».

تذكرت تلك الواقعة وأنا أشارك الآن في لجنة تحكيم «الفيبرسكي» اتحاد النقاد الدوليين في مهرجان «أبوظبي» السينمائي في دورته الثامنة. السؤال؛ هل تتدخل الأحاسيس الوطنية في الأحكام الفنية؟ كثيرا ما نقرأ خاصة بعد انتشار الفنانين في لجان تحكيم في عدد من البرامج الغنائية أن هناك اتهاما يلاحق هذا أو ذاك من المحكمين أنه لم يقف وراء ابن بلده يدعمه ويمنحه صوته ويؤازره وكأنه متهم بالخيانة الوطنية، الجانب الآخر من الصورة لا يقل ضراوة، مثلا كاظم الساهر لو تحمس لمطرب عراقي في برنامج آخر يتم التأويل والتفسير والبحث في النيات على اعتبار أنه عراقي يعضد مطرب يحمل نفس جواز السفر، وليس لكونه الأحلى صوتا، مع الأسف صرنا كثيرا ما نخلط الخاص بالعام، رغم أن الفن والإحساس المفروض أنه يقفز عادة فوق قيود الجنسية وحدود الجغرافيا.

لجنة التحكيم التي أشارك فيها تقتصر فقط نتائجها على اختيار أفضل فيلم عربي واحدة في الروائي والثانية التسجيلي. في الدورات السبع الماضية كنت أشارك في المهرجان كناقد وهذا يتيح لي أن أنتقل بحرية وأن وأدلي برأي مباشرة في «الميديا»، ولكن بروتوكول لجنة التحكيم يضع قدرا أكبر من المحاذير، فأنا لا أختار الفيلم الذي أريد مشاهدته، ولكن أرى كل الأفلام العربية بحلوها ومرها مهما اشتدت معاناتي مع مرها!!

غالبًا ما أتابع المهرجانات المصرية والعربية والدولية ولدي دائمًا مقال في نهاية الفعاليات يتناول نتائج لجنة التحكيم، ولا أتذكر إلا فيما ندر أن آرائي توافقت مع نتائج التحكيم، ومن الممكن هذه المرة أن أقرأ أيضا مقالات مماثلة من الزملاء لا تتوافق مع نتيجة اللجنة، لا بأس فلا يمكن أن ننادي بالحرية ثم عندما تتناقض آراءنا مع الآخرين نلجأ إلى نفس السلاح الذي يشهره بعض الفنانين ونردد مقولتهم الخالدة: «أحترم الرأي الموضوعي وأرفض الرأي المغرض»، وفي العادة فإن الموضوعي أقصد ما يعتبرونه موضوعيا هو الذي لا يجد ميزة إلا وألصقها بالعمل الفني ولا يجد نقيصة إلا وأبعدها عنه، أما النوع الثاني - المغرض - كما يراه الفنان فهو الرأي الذي يتضمن نقدا به إشارة لأي سلبية، أغلب الفنانين يفضلونه بالطبع إيجابيا وعلى مزاجهم وموجتهم.

يجب أن نتفق أولا أن أي لجنة تحكيم تعبر عن آراء أعضائها، حتى رئيس اللجنة ليس رئيسا بالمعنى المتعارف عليه في عالمنا العربي، حيث يُصبح الرأي رأيه والشورى شورته، هو فقط يضع الأسس التي يراها كفيلة بالوصول إلى نتائج تعبر عن قناعات الأغلبية. الكثير من لجان التحكيم ستجدها تتشكل من عدد فردي، حتى لا يصبح صوت رئيس اللجنة هو المرجح لو تساوت الكفتين.

علينا أن نقترب ولا أقول نصل لشاطئ العدالة، فلا حياد ولا عدالة مطلقة في التقييم، إلا أن المبدأ هو الانحياز للعمل الفني الأكثر اكتمالا فهو الدستور الوحيد الذي ينبغي على الجميع الالتزام به واحترامه، قد تجد أن الأجمل مصريا أو عراقيًا أو خليجيا أو لبنانيًا أو تونسيًا.. أو.. أو.. لا بأس.

تعلن نتائج لجنة «الفيبرسكي» يوم الجمعة المقبل وشعاري هو «لا شيء يقف أمام الأجمل»!!