بن برادلي ونكسون

TT

قال لي صديق ذات مرة إن بن برادلي «صديق صدوق»، حتى إن زوجتي أجابت قائلة: «إنه تماما للنساء كما هو للرجال».

لقد كان من الصعب العثور على شخصية لديها ذلك القدر من التفاعل والمرح مثل بنيامين كراونشيلد برادلي، الذي وافته المنية أخيرا عن عمر يناهز الـ93.

يمكن القول بأنه كان أهم رئيس تحرير في القرن العشرين، حيث انتقل بصحيفة «واشنطن بوست» من صحيفة محلية جيدة إلى واحدة من أكبر 3 صحف وطنية في الولايات المتحدة الأميركية.

حدث في عهد برادلي أن أعلنت صحيفة «البوست» إفلاسها، وانتقلت ملكيتها، وأجبرت فضيحة «ووترغيت» الرئيس ريتشارد نيكسون على الاستقالة، ونشرت وثائق وزارة الدفاع الأميركية رغم المعارضة الشرسة من جانب الحكومة التي تولت القضية، وبلا جدوى، وحتى المحكمة العليا الأميركية، ثم عيّن ودرب بعضا من أعظم الصحافيين في الولايات المتحدة.

كان للرجل سحره غير المسبوق، ونادرا ما خدعته غريزته، وكما قال أحدهم ذات مرة، لديه شجاعة القط اللص. على مدار 40 عاما، وكما جاء الرؤساء وغادروا، ظل بن برادلي وزوجته سالي كوين من علامات واشنطن البارزة.

إن إحدى لحظات الندم القليلة التي انتابتني في حياتي المهنية الطويلة، هي عدم العمل مع بن برادلي، حيث يمكن للآخرين تذكر مآثره غير الاعتيادية بوصفه رئيس تحرير تنفيذيا لـ«واشنطن بوست».

لدي قصة شخصية يمكن أن تكون لبن برادي فحسب.. كان هناك مراسل رائع لمجلة «نيوزويك» يدعى جون ليدنسي، في عقد الستينات، ولقد كان بن برادلي رئيسه المباشر.. كان جون آيرلنديا صرفا من بوسطن مثلما كان برادلي برهميا خالصا، وكان ليندسي مراسلا سياسيا ذا نظرة ثاقبة كذلك.

كان جون يحتضر إثر إصابته بالسرطان في منتصف الثمانينات. وأقام برادلي حفلا ليحتفل بجون، بينما لا يزال واعيا. وقد تشعر أنها حفلة توديع بائسة، ولكنها لم تكن كذلك البتة.. كانت حفلة مرح رائعة، تعج بقصص حروب الصحافيين، والنكات اللاذعة والكثير من المعنويات المرتفعة. ربما كانت الحفلة الوحيدة في جورج تاون التي حضرها السيناتور روبرت سي بايرد من ويست فيرجينيا.

غطى ليندسي أخبار الرئيس ريتشارد نيكسون، وفي حين أنه لم يكن من بين المعجبين بالرئيس السابق، إلا أنهما كونا معا رابطة من نوع ما لا يمكن تفسيرها. ولقد اتصلت بمكتب الرئيس السابق، لمعرفة ما إذا كان هناك من سبيل لأن يتصل نيكسون بجون في تلك الليلة. وعندما سألني مساعد الرئيس أين كانت تلك الأيام قبل ظهور الهواتف الجوالة - ابتلعت لعابي وأجبته في منزل بن برادلي، وهو المحرر الذي لعب أكثر الأدوار حسما في إسقاط نيكسون.

وفي منتصف الحفل، استدعي جون لتلقي مكالمة هاتفية. وكان على الطرف الآخر صوت يعرفه جيدا ولا يخطئ فيه قط. حيث قال الرئيس نيكسون: «قالوا إنني لن أذهب إلى الصين أبدا، ولقد فعلت. ثم قالوا إنني لن أهاتف بن برادلي في منزله أبدا، وها أنا أفعل».

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»