عندما يضرب الإرهاب مصر!

TT

عندما يضرب الإرهاب مصر فإن له صدى خاصا عند كل العرب والمسلمين، لأن ما يلحق بمصر من خطر يستهدف الأمة العربية والإسلامية جمعاء.. هذه حقيقة جيوسياسية لا مراء فيها لأن أمن مصر واستقرارها هو أمن للعرب وللمسلمين واستقرارهم، وحقيقة تاريخية لا يمكن تجاوزها خاصة بعد التصعيد الخطير في سيناء الذي راح ضحيته عشرات «الشهداء» من جنود القوات المسلحة المصرية، وهنا يحق لنا أن نتوقف ونتساءل: لماذا تكون سيناء هي مأوى الإرهابيين وساحة لتنفيذ عملياتهم الإرهابية ضد الجيش المصري؟ هذه حقيقة تجعلنا نقرر وبلا تردد أن مصدر الإرهاب في مصر خارجي بالدرجة الأولى قبل أن يكون داخليا سواء صرح الرئيس المصري السيسي بذلك أو لم يصرح. ولأن سيناء أراد لها رعاة مشروع الشرق الأوسط أن تكون وطنا للفلسطينيين تحكمها جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم حماس بحيث تضم مع قطاع غزة، وهذا التقسيم تظهره الجرائد الأجنبية عندما يتم الحديث عن مشروع الشرق الأوسط.

لذا هناك دول أجنبية وليس فقط جماعات إرهابية مشاركة في العمل الإرهابي، وهذا يعني أن هدف العملية الإرهابية ليس فقط زعزعة الأمن الداخلي في مصر ولكن هدفها أبعد من ذلك، وهو تغييب مصر عن القيام بدورها العربي والأفريقي والعالمي وخاصة عن قضية العرب الأولى وهي القضية الفلسطينية، فليس من مصلحة بعض الدول في المنطقة، وخاصة إيران وإسرائيل، أن تعود مصر لأخذ دورها في المنطقة وخاصة عندما نجحت الدبلوماسية المصرية في إنجاح المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي أجريت على أرضها أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث تم إيقاف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني بعد اتصال على أعلى المستويات بين مصر وأميركا رغم انشغال مصر بترتيب أوضاعها الداخلية. أين كانت إيران و«حزب الله» في مثل هذا الموقف؟ لقد كانا يرتكبان المجازر ضد المدنيين من إخواننا العرب في سوريا والعراق.

ومصر هي من نشط دورها العربي والأفريقي وخاصة في الفترة الأخيرة، فهي من تساهم في إيجاد حكومة وطنية في ليبيا، وتواصلت مع إثيوبيا لحل مشكلة مياه النيل، وزار الرئيس السوداني مصر لحل مشاكل الحدود بين البلدين.. هذا الحراك السياسي الذي تقوم به مصر لا يعجب إيران وإسرائيل و«حزب الله».

ولذلك فإن الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها مصر الآن لإيجاد منطقة عازلة في رفح وردم الأنفاق التي يتم تهريب الأسلحة عبرها من غزة سواء علمت حماس أم لم تعلم! هي إجراءات من حق مصر أن تقوم بها، لأن الأمن الوطني هو قضية لا مساومة عليها عند كل دول العالم ومصر معرضة لأعمال إرهابية.

مطلوب من حركة حماس موقف واضح وقاطع من مسألة العنف والعمليات التي تتم في سيناء، وترد الجميل لمصر بوقوفها مع مصر ليس بسبب تدخل مصر السياسي ورعايتها للمفاوضات في العملية الأخيرة فقط، ولكن منذ بدء الصراع العربي - الإسرائيلي سنة 1948 كانت مصر حاضرة بجيشها وشعبها وكانت قضية فلسطين هي قضيتها؛ ففي كل بيت مصري شهيد من أجل قضية فلسطين أكثر مما قدمه الشعب الفلسطيني نفسه من شهداء لقضيتهم وهذا ما صرح به عضو من فريق حماس الذي شارك في المفاوضات أثناء الغزو في مقابلة على قناة «العربية» التلفزيونية.

إن مصر لا تريد الأقوال ولكن تريد الأفعال، لذلك ينبغي أن تبادر حركة حماس إلى إغلاق كل الأنفاق في رفح من جانبها حتى لا تتحول غزة إلى بؤرة تحتضن الحركات والأفكار المتشددة والجماعات الإرهابية، وهذا أقل عمل يمكن أن تقدمه حركة حماس لمصر وشعبها وخاصة أن بعض من تم القبض عليهم من قبل الجيش المصري بعد العملية الإرهابية في سيناء هم من حركة حماس. وكذلك عليها أن تعرف أنها بحاجة لمصر للحفاظ على أمنها، وأنها بهذا الحجم والقدرات والإمكانيات، فهي لا تستطيع أن تصمد يوما واحدا أمام إسرائيل، ولو أرادت إسرائيل محو حماس من الخريطة السياسية لفعلت ذلك في ساعات قليلة.

ومن جانبها أهملت الحكومات المصرية تعمير سيناء منذ انسحاب إسرائيل منها والعناية بها مما جعلها ملاذا للإرهابيين، ولذا على الحكومة المصرية الحالية القيام بعملية تنمية شاملة لسيناء والاهتمام بسكان سيناء وتوفير الخدمات لهم وإقامة المناطق السكنية الحديثة، خاصة أن مساحة سيناء تعادل مرتين مساحة فلسطين، مما جعلها مصدرا لتهديد أمن مصر، أما إذا ظلت سيناء على حالها فلا يبدو للحلول التي تقوم بها مصر الآن أي مردود على أن تكون سيناء محافظة آمنة. والتقرير الذي قدم للرئيس السيسي من قبل لجنة تقصي الحقائق في سيناء تضمن ما نقوله، إذ تضمن الجزء الخاص بسيناء ما تم استخلاصه من زيارات ميدانية ومعلومات تفصيلية موثقة حول الجماعات المتطرفة في سيناء، مع رصد للعمليات الإرهابية التي تم ارتكابها ضد المنشآت والأفراد واستهداف المصالح الاقتصادية، وقد خلصت اللجنة إلى عدد من التوصيات التي من شأنها تيسير عملية التنمية الشاملة في سيناء.. فهل يتم ذلك في أسرع وقت؟