السيكوباتية: العشق الكبير للشر

TT

سيدتان سعوديتان قبض عليهما بقائمة تهم طويلة تتعلق بالإرهاب. ورأت المحكمة لظروف قدّرتها أن تفرج عنهما بعد أن تعهدتا بأقوى الكلمات على التوبة وعدم ممارسة التحريض بكل أشكاله على الإرهاب. ومرة أخرى قبضت عليهما الأجهزة الأمنية بعد ضبطهما تمارسان نفس نشاطهما الإجرامي الذي سبق لهما أن تعهدتا بالتوبة عنه. قالت إحداهما: نعم.. أعترف بأني أخطأت.. وأستحق أي عقاب توقعونه بي.

الواقع هي لم تشعر ولا للحظة واحدة أنها أخطأت كما أنها في حقيقة الأمر لا ترى أنها تستحق عقابا من أي نوع. كان مستحيلا أن تتوب السيدتان عن نشاطهما الإجرامي لأن «السيكوباتية» توجه كل طريقتهما في التفكير. إنها العشق الكبير للشر. من أين ينبع هذا العشق للشر؟

لنستعرض بسرعة تلك الماكينة الغريبة التي تسمى الإنسان لنتعرف على أجزاء رئيسية فيها، دعنا نبدأ بالـ«أنا العليا The super Ego» إنها مركز القيادة في جسم الإنسان، إنها غرفة التحكم في التفكير والعواطف، إنها الغرفة المسؤولة عن قيادتك في الطريق السليم، مشيرة دائما لطريق الخير والسلامة، إنها المعمل الذي يعمل ليل نهار ليمدك بما أنت في حاجة إليه من المثل والقيم العليا والإحساس بالجمال، هذه الأنا العليا هي ضابط الاتصال بينك وبين حضارة البشر بهدف أن تكون جزءا منها.. الأنا العليا هي أنت في أفضل حالاتك وأكثرها عدلا وجمالا وإنسانية.

بعد ذلك توجد «الأنا.. Ego» لن نتوقف أمامها طويلا، إنها النفس التي تعرف عنها على الأقل أنها أمارة بالسوء. ثم في أسفل البناية، نجد الـ«Id» وهو ما يمكن أن نسميه «الهو».. إنها غرفة الجحيم والعياذ بالله، إنها خزانة كل الشرور ونوازع الشر والعدوان التي تعمل الأنا العليا على حمايتك منها.

الأنا العليا عند المتطرف وهو بالقطع شخصية سيكوباتية، تعمل بطريقة تكاد تكون معاكسة لما عرفناه عن العقل البشري. هي سائق جانح يقود في الاتجاه المعاكس، إن ألذ اللحظات عند الشخصية السيكوباتية عندما يخدعك وبعضهم قادر على خداع أمهر الأطباء. هو يكذب بقدر هائل من الصدق تهتز له الجبال ويبكي أمامك ندما بحرارة وعذاب تشعرك بالذنب إذا لم تصدقه. بالإضافة إلى الخلل في الأنا العليا عند الشخصية السيكوباتية، سنجد «جبر التكرار»The compulsion to repeat هناك ميل داخل عقل الإنسان بشكل عام للحصول على اللذة بواسطة التكرار. وعند الشخصية السيكوباتية يكون جبر التكرار هو المتحكم في كل سلوكه كوسيلته الوحيدة للحصول على اللذة. هناك ركن معين في المقهى أنت تفضل الجلوس فيه، هناك طريق محدد تسلكه كل يوم من بيتك إلى عملك وهو ما يشعرك بالارتياح. غير أنك على استعداد لتغيير بعض عاداتك من أجل هدف أكثر خيرا لك. أما الشخصية السيكوباتية فهي عاجزة عن التوقف عن تحريض الناس للذهاب إلى أماكن يقتلون فيها. هذا هو المصدر الوحيد للسيدتين اللتين بدأت بهما حديثي، للحصول على أعلى درجات اللذة.

أعظم دارس للشخصية السيكوباتية هو ضابط المباحث الجنائية القديم الذي يعمل في أقسام الشرطة، لأنه قابل من الشخصيات السيكوباتية عددا كافيا لتحصينه ضد دموعهم وحلفاناتهم وتوباتهم.

[email protected]