نهاية حياة المرضى.. تقديم المساعدة مع الراحة

TT

تغيب نقاط مهمة خلال مناقشات الأطباء للمرضى وذويهم حول الأولويات في تقديم «رعاية نهاية الحياة» End - Of - Life Care في جانبها الطبي والإنساني، وغالبا يُقصد بها فترة لا تتجاوز 6 أشهر متوقعة. وهو ما لاحظته دراسة الباحثين الكنديين من جامعة ماك ماستر في هاملتون بأونتاريو في نتائج دراستهم المنشورة ضمن عدد 3 نوفمبر (تشرين الثاني) لمجلة الرابطة الطبية الكندية CMAJ (Canadian Medical Association Journal).

الباحثون شملوا في دراستهم المرضى أنفسهم وذويهم ممن تقدمت بهم حالتهم المرضية لأمراض ميؤوس من شفائها ووصولهم إلى نهايات الحياة وفق تقدير تقييمهم الطبي. ومن ضمن الـ5 نقاط الأولى والأعلى أهمية بالنسبة للمرضى وذويهم Patient Priorities حول نوعية «رعاية نهاية الحياة» لهم، لاحظ الباحثون أن لأطباء لم يتقدموا لمناقشة جوانب تلك الأولويات الـ5 مع أولئك المرضى، وهو ما أثار تساؤلات الباحثين بشأن حالة الانفصام في العلاقة والتفاهم والتواصل ما بين الأطباء ومرضاهم.

وتحديدا، فإن من بين 11 نقطة تم التعرف عليها بأنها نقاط مهمة بعد مراجعة إجابات المرضى، تبين للباحثين أن معدل اهتمام الأطباء بها ومناقشتها كنقاط محددة مع المرضى، لا يتجاوز 1.4 نقطة فقط خلال الأيام الأولى لدخول أولئك المرضى إلى المستشفى. وأعاد الباحثون التذكير بأنه كلما ارتفعت معدلات شمول مناقشة الطبيب مع مريضه لنقاط مهمة للمريض تحسن مستوى رضا المرضى عن حالته حتى وإن كانت أمراضهم ميؤوسا من شفائها، ولذا ذكروا أن نتائج هذه الدراسة تنبيه لضرورة العمل على رفع مستوى التواصل مع المرضى واتخاذ القرارات المتعلقة برعايتهم.

وتفيد المؤسسة القومية الأميركية للسرطان أن من الصعب أثناء فترات صحة الإنسان، وضع خطة تلقي الرعاية الطبية في مرحلة نهاية الحياة، وأن تلك الخطة تشتمل على أهداف تلقي الرعاية الطبية مثل استخدام أدوية معينة في الأيام الأخيرة من العمر. وتشمل كذلك الموقع الذي يُريد المريض قضاء الفترة تلك، ونوعية المعالجة التي يرغب في تلقيها، ونوع الرعاية التلطيفية Palliative Care ومرفق رعاية العجزة Hospice Care التي يود تلقي الرعاية الطبية فيها مثل المستشفى أو دار الرعاية التمريضية أو غيرها. هذا بالإضافة إلى «التوجيهات المسبقة» Advance Directives التي توضح رغبات المريض للأهل ولطاقم تقديم الرعاية الطبية، مثل التبرع بالأعضاء وغيره.

ولاحظ تقرير حديث لـ«المنظمة الوطنية لدور العجزة والرعاية التلطيفية» National Hospice and Palliative Care Organization بالولايات المتحدة أن غالبية الأميركيين يتلقون رعاية دور العجزة وخدماتها في وقت متأخر، ذلك أن ثلث المرضى الذين يبدأون في تلقي رعايتها يُتوفون خلال أسبوع. وفي الولايات المتحدة ثمة برنامج «تواصل الرعاية» Caring Connections، وهو أحد برامج «المنظمة الوطنية الأميركية لدور العجزة والرعاية التلطيفية» NHPCO، ويشتمل البرنامج على مبادرة متطوعين وإشراك المجتمع المحلي لتحسين رعاية نهاية الحياة للمرضى المشرفين على نهايتها بفعل أمراض ميؤوس من شفائها. ونشرت المنظمة المذكورة ملخص تقريرها على موقعها الإلكتروني بشكل مختصر في 3 من الشهر الحالي. ومن بين 1.5 مليون مريض أميركي شملهم برنامج رعاية دور العجزة باعتبارهم مرضى مُشرفين على نهاية الحياة خلال عام 2013. توفى ثلثهم خلال الأسبوع الأول من بدء تلقيهم خدمات الرعاية تلك. وعلق الدكتور دونالد شمايكر، الرئيس التنفيذي للمنظمة المذكورة بالقول: «نريد أن يصل المرضى إلى خدماتنا في وقت أبكر من أجل أن نخدمهم ونقدم لهم الرعاية التي يحتاجون لها وهم في تلك الحالة». وراجع التقرير نمو وخدمات ونوعية الرعاية في دور العجزة بالولايات المتحدة، ولاحظ أن ثلثهم تلقوا الرعاية لمدة أسبوع ثم ماتوا، ونصفهم لم تتجاوز المدة 18 يوما، وأن 66 في المائة منهم تلقوا الرعاية في مناطق سكنهم، أي إما في بيوتهم أو مساكن خاصة لتقديم الرعاية تلك أو دور الرعاية التمريضية. كما لاحظ التقرير أن غالبية المرضى المشمولين لم يكونوا مرضى بالسرطان، بعكس ما قد يتوقعه البعض.

وتصف المصادر الطبية رعاية دور العجزة في حالات نهاية الحياة بأنها خدمة يقدمها فريق عمل مكون من متخصصين طبيين وصحيين ومتطوعين لتوفير الدعم الطبي والنفسي والروحي لأولئك المرضى، والهدف هو مساعدة أولئك المرضى للموت بسلام وراحة وكرامة. إضافة إلى تقديم الدعم لذوي المريض خلال المرحلة المهمة تلك.

وإضافة إلى أن إنشاء مثل هذه النوعية للخدمة الطبية والإنسانية والنفسية والاجتماعية يمثل إحدى علامات الرقي في مستوى العلاقات الاجتماعية لمجتمع ما، فإنه يظل ضرورة طبية لا تكتمل من دونها منظومة أفرع تقديم الرعاية الصحية.

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]