الأميركيون يضيقون ذرعا بحكومتهم

TT

كانت أيام الانتخابات، في السابق، بالنسبة للديمقراطيين، تُعد مخيفة ومروعة وسيئة للغاية، وكان يعاني الجمهوريون أيضا القليل من تلك المشاعر. عادة ما يعقب مثل تلك الأيام الكثير من التصريحات حول الأوضاع التي تغيرت للتو، وماذا سيبدو مختلفا في المستقبل.

ولكن يرى الجميع عند الحديث عن التغيير في واشنطن وفي أميركا، حيث يهيمن أحد الحزبين على الآخر، أن شيئا واحدا لم يتغير، وهو سوق الأوراق المالية، واستمرار الناتج المحلي الإجمالي في طريقه إلى الزيادة، بينما تتأزم العائلات بشدة جراء الاقتصاد الذي لا يعمل من أجلهم. وحل تلك المعضلة لا يكمن في مجموعة القوانين التي سريعا ما جرى سنها لإثبات أن الكونغرس بمقدوره فعل أي شيء. ولا يكمن في قيام الرئيس بإبرام أي صفقات فقط لإظهار قدرته على إبرام صفقات تجارية، ولكن يتطلب الحل اعترافا صادقا بنوع التغيرات اللازمة، إذا كانت الأسر تحاول العمل على بناء مستقبل آمن.

الأمر لا يتعلق بكون الحكومة كبيرة أو صغيرة، فالشعب الأميركي لا يساوره القلق حول حجم الحكومة، ولكن يساوره قلق بالغ حول لصالح مَن تعمل الحكومة. الشعب الأميركي مستعد للعمل، ومستعد للقيام بدوره والنضال من أجل مستقبله ومستقبل أبنائه، ولكنه يرى أن الحكومة تتورط في شراكات كبرى مع مصارف وشركات نفطية كبرى، فضلا عن جهات مانحة سياسية كبيرة، ويعلم أن الحكومة لا تعمل من أجله.

الأميركيون يريدون فرصة للنضال من أجل بناء حياة أفضل لأسرهم. إنهم يريدون حكومة بمقدورها التصدي للمصارف الكبرى إذا انتهكت القانون، وحكومة تساعد الطلاب الذين يعانون من الديون، وحكومة تعمل على حماية وتوسيع نطاق الضمان الاجتماعي بالنسبة لكبار السن، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور.

يتفهم الأميركيون أن بناء مستقبل مزدهر سيكون له مقابل، ولكنهم يريدون منا أن نعمل على تحقيق استثمارات بقدر من العناية والحكمة، وندرك جيدا أن الكونغرس ينفق من أموال الشعب. إنهم يريدون منا تحقيق استثمارات تؤتي ثمارها في جوانب حياتهم، مثل الاستثمار في الطرق وشبكات الطاقة الكهربائية، مما يجعل من السهل على الشركات خلق فرص عمل جيدة هنا في أميركا، بالإضافة إلى الاستثمارات في مجال البحوث الطبية والعلمية، بما يحفز على الاكتشافات الجديدة وتحقيق النمو الاقتصادي، والاستثمارات في تعليم أطفالنا كي يتمكنوا من بناء مستقبل لهم ولأبنائهم.

قبل أن ينشغل قادة الكونغرس والرئيس في إثبات أنه بمقدورهم تمرير بعض القوانين الجديدة، يجب أن يلقي الجميع نظرة ارتياب حيال الفئة التي تخدمها تلك القوانين الجديدة. ففي ذلك الوقت بالتحديد، يمارس الآلاف من جماعات الضغط والمحامين ضغوطا للدفع باتجاه تلك القوانين الجديدة، التي من شأنها مساعدة عملائهم الأغنياء والأقوياء كي يكونوا أكثر ثراء وأكثر قوة. فعلى أمل النيل من إحدى الصفقات، تبحث الجماعات الضاغطة والمحامون، جنبا إلى جنب مع عملائهم الأثرياء، عن فرصة للتلاعب.

ولكن أجندة جماعات الضغط تختلف عن الأجندة الأميركية؛ فالشعب الأميركي يساوره شكوك عميقة حيال الصفقات التجارية التي يجري التفاوض بشأنها سرا مع رؤساء تنفيذيين، بينما لا يدري العاملون الذين يواجهون المخاطر شيئا عنها. لقد عانى الشعب الأميركي بما فيه الكفاية من صفقات الضرائب التي تصب في صالح أصحاب المليارات وشركات النفط الكبرى والجهات المانحة السياسية الكبرى، بينما تعاني الأسر العاملة. إنهم يشعرون بالضجر حيال مصارف وول ستريت التي وضعت خططا لإنقاذ دافعي الضرائب، والآن تتألم من تلك القوانين الصارمة للغاية، رغم كونها حققت أرباحا بالمليارات. فإذا كان إبرام الصفقات يعني مساعدة الشركات الكبرى، ومصارف وول ستريت والمؤسسات القوية بالفعل، فهذا لا يُعد نصرا للشعب الأميركي. إنها مجرد جولة أخرى من اللعبة القديمة المزيفة نفسها.

حسنا، إننا بحاجة للعمل، ولكن بنحو صحيح، وذلك من خلال إلغاء القوانين الضريبية المليئة بالثغرات التي تصب في صالح الشركات العملاقة، والتخلص من المؤسسات المالية التي لا تزال تهدد اقتصادنا، ومنح الفرصة ذاتها لمن يعانون من القروض الطلابية مرتفعة الفائدة لإعادة تمويل ديونهم التي تتمتع بها كل مصارف وول ستريت. ليس هناك نقص في الأعمال التي يمكن للكونغرس القيام بها، ولكن يجب ألا تكون أجندة الأعمال موضوعة من جانب مجموعة من جماعات الضغط والمحامين.

التغير ليس أمرا هينا، لا سيما عندما يصب الأمر في صالح أصحاب المال والنفوذ. ولكن هذه الحكومة ملك للشعب الأميركي، وحان الوقت للعمل على تنفيذ الأجندة الأميركية. أميركا على أتم الاستعداد، ويجب أن يكون الكونغرس مستعدا لذلك أيضا.

* خدمة «واشنطن بوست»

* النائبة الديمقراطية عن ولاية

ماساتشوستس بمجلس الشيوخ