أنصار بيت داعش

TT

لعلها المرة الأولى والأخيرة التي تكون فيها جماعة أنصار بيت المقدس صادقة مع نفسها ومع الناس، وذلك بإعلانها تخليها عن اسمها التجاري الذي عرفت به، وأن تنسب نفسها إلى الشركة الأم وهي «داعش». استمعت إلى تحليلات كثيرة عن السبب الذي دفعها لذلك، ولكل تحليل وجاهته، غير أنها جميعا من الناحية العلمية تظل ناقصة، لأنه لا أحد من المسؤولين عن «داعش» المصرية الجديدة شرح لنا لماذا التحقت بـ«داعش» الأم. هذه هي بالضبط المساحة التي يجب علينا تناولها بالبحث والتحليل.

هناك أمران؛ التخلي عن الهوية المغرية لضعاف العقول وهي «بيت المقدس»، ذلك الشعار الذي يفيض كذبا ونصبا. وهو ما يشير إلى أن السادة في تلك الجماعة اكتشفوا على نحو يقيني أن العرب باتوا عاجزين الآن عن هضم تلك التسميات واللافتات. وبانكشاف ذلك الغطاء اتضح للجميع أنهم وعددا كبيرا ممن هم على شاكلتهم من الجماعات الإرهابية التي ترتدي قميص القدس، ليسوا أكثر من ماكينة لإنتاج الجريمة، وأنه لا قضية لهم غير القتال ضد شعوبهم بدافع من نفسيات خربة لا مكان لها بين البشر الطبيعيين. لا صلة لهؤلاء الناس بفلسطين أو القدس من بعيد أو قريب، ولا أعتقد أن لهم بيتا في مكان ما.. هم يسكنون حيث يسكن الشيطان.

وعندما ينكشف الغطاء عن شخص أو جماعة يشعر بأنه ضعيف وفي حاجة إلى المزيد من فيتامينات الوحشية. لذلك فمن الطبيعي أن يلجأ لأشهر صيدلية في العالم المعاصر تخصصت في بيع كل أنواع الأدوية التي تفتح الشهية للوحشية وهي صيدلية «داعش». ولم يكتفوا بذلك؛ بل طلبوا منهم ترخيصا باستخدام اسمهم في صحراء سيناء بأمل جذب المزيد من الزبائن، على أمل أن يعطيهم ذلك القدرة على إخافة المصريين أكثر. وربما على أمل أن يربكوا خطط الجيش المصري والأمن المصري.

الشيء الذي لا تعرفه هذه الجماعة أن جماعتهم الأم محاصرة في كل مكان، وأنه فات الوقت الذي كانوا يستطيعون فيه اقتحام القرى بالجملة. أعضاء الجماعة يحققون شيئا واحدا ربما كانوا في شدة الحاجة إليه وهو أن يموتوا، هذا هو الإنجاز الوحيد الذي يحققونه الآن. أما فرعهم في سيناء فهو محاصر، تنهال عليه الضربات في كل لحظة من رجال الجيش والشرطة المصرية الذين يعرفون الآن أنها قضية حياة أو موت بالنسبة لهم وبالنسبة لشعبهم.. مصر تتسع لكل الناس من كل الأديان والأجناس، غير أنه لا مكان فيها لهؤلاء القتلة المتوحشين.. لا بد أن يبقى أحدنا فقط؛ إما هم وإما نحن.

بإبعاد المنازل عن الحدود المصرية يصبح من السهل القضاء على الأنفاق، غير أنني في انتظار المشرّع.. لا بد في أسرع وقت من سن قانون جديد يعاقب بشدة كل من يجرؤ على فتح نفق. وبإغلاق هذه الأنفاق يشتد الحصار على «داعش» المصرية، فلا يستطيع أفرادها التسلل شمالا خارج مصر، أما العودة إلى الوادي فهي أيضا أمر صعب للغاية في منطقة تحولت إلى ساحة قتال.

يجب ألا نفقد الإيمان ولو للحظة واحدة بأنه من المؤكد القضاء على كل هذه الجماعات الإرهابية.