عقد عبد الله

TT

في أغسطس (آب) المقبل 2015 تمر الذكرى العاشرة على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في السعودية.

الملك عبد الله تولى حكم البلاد بعد وفاة الملك فهد في أغسطس 2005 في ظروف إقليمية وداخلية وعالمية ليست سهلة، كان الإرهاب القاعدي في ذروته بعد أن دشن مشواره الأسود بتفجيرات الرياض في مايو (أيار) 2003، لكن عزيمة الملك عبد الله ورجال الدولة وفي مقدمهم الراحل الأمير نايف، كانت السد المنيع والجدار الصلد الذي تكسرت عليه قرون أوعال «القاعدة».

لم يجعل الملك عبد الله الحرب على الإرهاب تثنيه عن إصلاح الدولة، خاصة في مرفقي القضاء والتعليم العالي، عبر إطلاق مشروعين ضخمين لإصلاح المرفق القضائي، ثم إدخال الإنسان السعودي في أكبر تجربة في الاستثمار التعليمي عبر برنامج الابتعاث الهائل، الذي لم يُعرف له مثيل في التاريخ، تمويلا وعددا.

حمى الملك عبد الله بلاده من عواصف المغامرات الإيرانية وأتباعها، وقاوم حملات الابتزاز السياسي والإعلامي والمزايدة على دور السعودية تجاه الأمة المسلمة والعربية، وفي نفس الوقت لم تتوقف السعودية عن الالتزام التاريخي بدورها في حماية الحقوق العربية والإسلامية، خاصة بفلسطين.

ثم ثارت علينا عواصف الفوضى التي سميت زورا «الربيع العربي» وسهَّل ذلك إدارة تائهة في أميركا، جهلا أو علما، عبر تمكين جماعة الإخوان، دون سواها، من قطف ثمار هذا الربيع على اعتبار أن الجماعة هي الممثل الحقيقي للإسلام، أو هكذا قدمت نفسها وراء الكواليس لخبراء أوروبا وأميركا، وكادت تضيع مصر، أم الدنيا، في هذه الفوضى الأميركية الإخوانية، لولا فعل عبد الله بن عبد العزيز الذي أوقف عربة الفوضى عند حدها وأعاد التاريخ إلى نصابه الصحيح، وها هي مصر تبحر، رغم كل الصعاب، نحو المستقبل.

وقف الملك عبد الله وقفة للتاريخ، يوم أراد صناع الفوضى إلقاء البحرين في كهوف الضياع والخراب باسم «الربيع» الأشهب، ولكن دخلت قوات «درع الجزيرة» الخليجية بمبادرة «كبير العرب» كما وصفه رئيس مصر عبد الفتاح السيسي، وها هي البحرين سالمة غانمة، ولك أن تتخيل كيف كان سيكون حالها لولا هذه النجدة؟

نعم هناك مواضع لم تكن مرضية ولم تحصد فيها السعودية ما تريد، ولكن التعويل ليس على الكسب الكامل، بل على غالبية حساباتك.

من أجل ذلك كله، لا ريب أن عبد الله بن عبد العزيز، كما وصفته «سي إن إن» الأميركية من «صناع الأحداث الرئيسية».

رهانات منافسي السعودية انتكست، وبقيت السعودية في المكان الصحيح من التاريخ والمستقبل، فكيف يقال بعد هذا إن سياسة السعودية الخارجية ضعيفة، كما يدعي بعضهم؟

الحق أنه يصح في الملك عبد الله بن عبد العزيز هنا قول المتنبي:

تمرُّ بك الأبطال كلمى هزيمة - ووجهك وضّاح وثغرك باسم

[email protected]