أجندة أوباما للربع الرابع

TT

بدا الارتياح على وجه الرئيس أوباما في أعقاب الانفجار الانتخابي الذي وقع مؤخرا. وربما يكون أوباما هو أقل الرؤساء الأميركيين في العصر الحديث شعورا بالقلق حيال الانتخابات بدءا من الآن.

وخلال مؤتمر صحافي، قال أوباما: «هناك الكثير يشغلني على مدار العامين المقبلين»، في الوقت الذي حاول فيه التملص من الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بالانتكاسة الانتخابية التي مني بها في انتخابات التجديد النصفي. وأضاف: «في نهاية فترة رئاستي سأقول: لقد قدمنا أداء جيدا في الربع الرابع».

ودعونا نصدق كلمات أوباما، ولننظر إلى سياسته الخارجية، مثلا. ما أجندته على هذا الصعيد خلال العامين المقبلين؟ وبالنسبة لرئيس لحق به الضعف، ما الخاتمة التي ستمثل نهاية جيدة له؟

في الواقع، ما تزال الفرص المتاحة أمام أوباما كبيرة، ذلك أنه في غضون شهر يمكن أن يقر اتفاقا نوويا مع إيران، أو على الأقل إطار عمل يضم تنازلات إيرانية مهمة. أيضا، باستطاعته الاتفاق مع الصين حول حزمة مشتركة من إجراءات السيطرة على التغييرات المناخية. أما المشكلات الكبرى أمامه فتكمن في القتال الدائر مع «داعش» والذي تحول لكابوس، خاصة في ظل الغموض والحذر الشديدين اللذين يحيطان بسياسة أوباما في هذا الشأن. ومع ذلك، يبدو أن التوسع السرطاني للمتشددين توقف، وربما يستمر تراجعهم البطيء إلى ما بعد رحيل أوباما عن البيت الأبيض. من ناحية أخرى، يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمثابة نقطة مبهمة وخطيرة، ورغم ضآلة الخيارات المتاحة أمامه فإنه يعمد إلى استغلالها بأقصى درجة ممكنة، بينما يبعث دبلوماسيون روس بإشارات توحي برغبتهم في استئناف تدريجي لحوار طبيعي مع واشنطن.

أما التحدي الأكبر أمام أوباما فهو ما إذا كان سيتمكن من إعادة تنشيط الفريق المعني بالسياسة الخارجية المعاون له.

من جهتهم، أعلن مسؤولون بالبيت الأبيض أن أوباما يعي أنه بحاجة إلى ضخ دماء جديدة والاعتماد على رؤوس أموال بشرية أكثر ذكاء. إلا أنه لم يتضح بعد المعنى المقصود من وراء ذلك، ربما لأن أوباما نفسه لم يتخذ أي قرارات بعد بهذا الشأن.

وفيما يلي بعض التخمينات بخصوص أمور شخصية: البيت الأبيض يرغب في انتقال أنتوني بلينكين، نائب مستشار الأمن القومي، إلى وزارة الخارجية ليحل محل بيل بيرنز نائبا للوزير. وينطوي هذا على فرصة لتعزيز فريق الأمن القومي تحت قيادة سوزان رايس، التي لا يبدو أوباما على استعداد للتخلي عنها.

إذن، من يمكن أن ينضم لرايس على رأس مجلس الأمن القومي؟ الملاحظ أنه تم عرض المنصب بالفعل على مايكل موريل، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) السابق، لكنه رفضه. وتشير مصادر مطلعة إلى أسماء أخرى بارزة بمقدورها معاونة رايس على إدارة السياسة، مثل الأدميرال ساندي وينفيلد نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، ونيكولاس بيرنز وكيل وزارة الخارجية السابق.

من جانبهم، يتوقع مسؤولون بالإدارة احتمالية رحيل وزير الدفاع عن منصبه قبل انتهاء فترة رئاسة أوباما بمدة طويلة. ومن بين الأسماء التي يحتمل أن تحل محله وكيلة وزارة الدفاع السابقة ميشيل فلورنوي، التي كادت تتولى المنصب بالفعل عام 2013.

إن التحدي الذي يواجه أوباما خلال العامين الأخيرين من رئاسته ليس صياغة سياسة خارجية جديدة، وإنما تنفيذها. وهنا ستحتاج رايس إلى تحسين قدراتها الإدارية.

الملاحظ أن مساعدي أوباما وضعوا بالفعل قائمة بما يتعين فعله: تحقيق عملية انتقالية ناجحة في أفغانستان في ظل الائتلاف الحاكم الجديد، وتحويل العراق إلى اختبار لقدرة التحالف الذي تتزعمه واشنطن على محاربة التطرف، وإبرام اتفاق نووي مع إيران، والتوصل لاتفاق تجارة مع آسيا، وربما أوروبا، والتعاون مع الصين بخصوص التغييرات المناخية، مثل مكافحة الإرهاب، وكبح جماح النزعات العدائية لدى بوتين، مع الإبقاء على الباب مفتوحا أمام التعاون مع روسيا.

خلال المؤتمر الصحافي، قال أوباما: «أنا... شخص عملي». والملاحظ بالفعل رغم الرفض الكبير لحزبه وسياساته في الانتخابات التي أجريت مؤخرا، أن أوباما بالفعل يملك أجندة عملية إذا عكف على تنفيذها، فإنها قد تصبح قابلة للتحقق على أرض الواقع.

* خدمة «واشنطن بوست»