أما آن لملف هجوم بنغازي أن يقفل؟

TT

هذا العام، سأتخلى عن نهجي المعتاد وأوجه التحية للجنة شؤون الاستخبارات بمجلس النواب عن تقريرها النهائي حول بنغازي.

أما الجديد هذا العام فهو أنه يحمل أول فرصة لي كي أبدي امتناني لتقرير بنغازي الصادر عن لجنة شؤون الاستخبارات بمجلس النواب.

كانت اللجنة قد قضت عامين في إجراء تحقيق شارك به أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول أحداث الليلة الدامية التي شهدت مقتل 4 أميركيين، بينهم السفير الأميركي لدى ليبيا، عام 2012. وذلك في خضم هجوم عنيف على القنصلية الأميركية. وخلصت اللجنة إلى أنه رغم وقوع أخطاء، فإن الأميركيين على الأرض داخل ليبيا اتخذوا قرارات معقولة، مثلما فعل أولئك الذين حاولوا مساعدتهم. ورأت اللجنة أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أبدت شجاعة وكفاءة في عملها، ولم يحبط أي مسؤول داخل البيت الأبيض عملية إنقاذ محتملة أو حاول عمدا تضليل الرأي العام بخصوص ما حدث.

يا للروعة! ولك أن تتخيل قدر الإثارة التي رافقت الكشف عن هذا التقرير، أو بمعنى أدق عندما نشر في هدوء على الموقع الإلكتروني للجنة، مؤخرا، وعشية عطلة تمتد لأسبوع.

والمعروف أن لجنة الاستخبارات يقودها أعضاء من الأغلبية الجمهورية، ليتضح لنا أن المرة الوحيدة التي لا يتحدث فيها الجمهوريون عن بنغازي، هي عندما ينشرون تقريرا حول النتائج التي توصلوا إليها.

في الواقع، ساد صمت قاتل، فيما عدا السيناتور ليندسي غراهام الذي قال في تصريحات لـ«سي إن إن»: «أعتقد أن التقرير يعج بالهراء». وكذلك نيوت غينغريتش، الذي أطلق نظرية أن «سي آي إيه» استمالت لجنة الاستخبارات. وأكد نيوت أن هذه معلومات وليس مجرد تخمينات، حيث قال: «لقد تحدثت إلى 4 أشخاص مختلفين ممن يهتمون بشدة بهذه القضية على المستوى المهني، وقد أعربوا عن صدمتهم حيال التقرير».

الملاحظ أنه كان هناك دوما سبيلان لرؤية ما جرى في بنغازي، أولهما يعتبر ما حدث في بنغازي خسارة مروعة، كان يمكن التخفيف من حدتها لو أن المجمعات الدبلوماسية تمتعت بحماية أفضل، وأن على وزارة الخارجية إعادة النظر في توجهها البيروقراطي التقليدي حيال الإشراف على الإجراءات الأمنية.

أما السبيل الثاني فيرى أن أوباما وكلينتون مارسا الخداع. ويتساءل أنصار هذه الرؤية حول ما إذا كان هناك منقذون محتملون تم إبقاؤهم بعيدا عن موقع الهجوم، لأن الإدارة لم ترغب في الاعتراف بأنها قللت من تقديرها لحجم التهديد الإرهابي في ليبيا؟

من جانبها، لم تتوصل لجنة الاستخبارات لأي دليل يؤكد حدوث ذلك، لكن كما تعلم، فإن هذه اللجنة تمت «استمالتها».

يذكر أن اللجنة وأعضاءها قضوا، حسب وصف عضو ديمقراطي: «آلاف الساعات» في مطالعة تقارير استخباراتية، وبرقيات ورسائل بريد إلكتروني حول الحادث. والإنصاف يقتضي أن نذكر أنه فقط لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، ولجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، ولجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، ولجنة العلاقات الخارجية بالمجلس ذاته، درست جميعها الأحداث ذاتها، وتوصلت لنفس النتائج.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، فما نزال بانتظار بدء عمل لجنة خاصة تابعة لمجلس النواب بتكلفة 3.3 مليون دولار، التي أمر رئيس المجلس جون بوينر بتشكيلها لوضع ما وصفه رئيس اللجنة تري غاودي، من ساوث كارولينا: «تقرير نهائي وجازم حول الهجوم»، وأشار بوينر إلى أن هذا المجهود ضروري لأن «الشعب الأميركي ما يزال لديه الكثير للغاية من التساؤلات».

وتبقى هناك أيضا لجنة المراقبة التابعة لمجلس النواب برئاسة داريل عيسى، الذي لا يلين أبدا ولم يبد أي مؤشر على غلقه باب التحقيقات في حادث بنغازي.

إلا أنه من المقرر تنحي عيسى عن رئاسة اللجنة بحلول نهاية العام، ليحل محله جيسون تشافيتز، من ولاية يوتا، والذي ينوي على ما يبدو لاتباع أسلوب أقل حماسا.

في الواقع، إننا نعرب عن شكرنا لجميع التحقيقات التي أجراها الكونغرس حول حادث بنغازي. ومن بعد كل هذا يمكنه الزعم بأن الكونغرس عاجز عن تقليص البطالة؟

جدير بالذكر أن وزارة الدفاع أعلنت في مارس (آذار) أنها خصصت «الآلاف من ساعات العمل للرد على الطلبات الكثيرة والمتكررة في معظمها، الواردة من الكونغرس حول بنغازي، بينها الوقت المخصص لقرابة 50 جلسة استماع بالكونغرس واجتماع موجز ومقابلة»، بتكلفة تقدر بـ«ملايين الدولارات».

في الوقت ذاته، هناك أقاويل صادرة عن بعض الجمهوريين من أعضاء مجلس الشيوخ، حول حاجة الكونغرس لتشكيل لجنة تحقيق مشتركة بين مجلس النواب والشيوخ.

من ناحيتها، يبدو أن لجنة الشؤون الزراعية التابعة لمجلس النواب، لا تنوي فتح تحقيق هي الأخرى في الحادث، وهو أمر نعرب عن شكرنا الصادق تجاهه.

* خدمة «نيويورك تايمز»