إذا لم تكن دول الخليج طرفا.. فمَنْ؟!

TT

أما وقد قررت القوى العالمية الست، مد أجل مفاوضاتها مع إيران، لسبعة أشهر قادمة، فإنني أتصور، بل أتمنى، أن تعيد دول مجلس التعاون الخليجي الست أيضا، موقفها إزاء الموضوع كله، خلال هذه المهلة الممتدة للصيف القادم.

لقد فكرت في أن أكتب هذه السطور، يوم أن قرأت حوار الأستاذ سلمان الدوسري، رئيس تحرير «الشرق الأوسط» مع السيد يوسف بن علوي، وزير الدولة للشؤون الخارجية في سلطنة عُمان، وهو حوار نشرته الصحيفة في عددها الصادر صباح 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

فكرت في ذلك وقتها، غير أني اكتشفت بعد حساب الحكاية بالورقة والقلم، أن ما سوف أكتبه، في أعقاب نشر الحوار، سوف يكون في الوقت الضائع، لأن المقرر في ذلك اليوم، بل وقبله بفترة طبعا، أن سقف التفاوض مع طهران هو 24 نوفمبر، وبالتالي فإن أي كلام باقتراحات جديدة، مني، أو من غيري، خلال آخر أسبوعين من تلك المهلة التي انطوت، يصبح نوعا من إضاعة الوقت والجهد معا!

الآن.. نحن أمام مهلة جديدة، ممتدة لأكثر من نصف عام، وهي فترة ليست قصيرة، كما أن الضغط من جانب دول المجلس خلالها، يمكن أن يؤدي إلى نتيجة.

والنتيجة التي أريدها، هي أن تكون دول المجلس، من خلال ممثل لها تختاره، عضوا في التفاوض مع الإيرانيين، لأنه ليس معقولا أن تجري المفاوضات بين إيران من ناحية، وبين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، مضافا إليها ألمانيا، من ناحية أخرى، ثم تكون دول الخليج الست، بعيدة عن عملية التفاوض، وعن أسرارها، وعن خباياها، وعن كل ما يُقال فيها!

لقد قال الوزير يوسف بن علوي، في حواره المنشور، إن دول مجلس التعاون ليس من حقها أن تحضر عملية التفاوض، لأنها ليست طرفا رئيسيا في الملف.. وهو رأي منه، لم أستسغه أبدا، لا في حينه، ولا الآن، وكنت أسأل نفسي دائما، عما إذا كان من الجائز أن تكون ألمانيا - مثلا - طرفا أساسيا وحاضرا في التفاوض، من أوله لآخره، ثم تكون دول الخليج الست، التي تملك الشاطئ الغربي للخليج العربي كله، طرفا فرعيا، وغائبا، عما يُقال على الطاولة، وربما من تحتها؟!

الوزير العُماني بن علوي، كان قد أبدى رأيه هذا، في وقت كانت عُمان نفسها فيه أرضا لجلسات عدة من التفاوض بين جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، وجون كيري، وزير الخارجية الأميركي ثم في جلسة أخيرة، انضمت إليهما السيدة آشتون، مبعوثة الاتحاد الأوروبي، قبل أن ينتقل الجميع إلى فيينا، حيث تقرر مد المهلة إلى آخر يونيو (حزيران) المقبل.

كان التفاوض يجري على أرض عُمان، وكان جون كيري يروح ويجيء، وكذلك الوزير ظريف، وكان كلام كثير يدور حول تنازلات من هذا الطرف، أو من ذاك، وعن تضييق لفجوات بينهما، وعن تقارب في وجهات النظر، ثم عن تباعد، دون أن يكون المواطن في أي دولة من دول الخليج الست، على علم واجب، بالشيء الذي في سبيله، تنازلت إيران، ولا بالشيء الذي تعمقت حوله الفجوة، ثم ضاقت، ولا بالشيء الذي تقاربت بشأنه وجهات النظر، ثم تباعدت، وهكذا.. وهكذا.. مع أن هذا المواطن نفسه يعيش في دول ست تتمدد بحدودها من أقصى جنوب الخليج العربي، إلى أقصى شماله، في مقابل تمدد إيراني مماثل، على الضفة الأخرى من الخليج نفسه، من جهة الشرق!

عقلا.. كان كل شيء يفرض وجود ممثل للعواصم الست، على طاولة التفاوض حول الملف النووي الإيراني، أيا كان مكانها، وسواء كانت في مسقط، أو في فيينا، أو في أي عاصمة سواهما.. وأقول عقلا، لأنه ليس من المتصور أن يكون الشأن الخليجي العربي، قاسما مشتركا أعظم، في كل ما يدور من نقاش، ثم من تفاوض، حول الطاولة، ولا يكون صاحب هذا القاسم المشترك الأعظم، حاضرا، ومشاركا، وفاعلا.

وأظن أن وجود الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، في موسكو، خلال الساعات الأخيرة من المهلة السابقة، وكذلك وجود الأمير متعب بن عبد الله، وزير الحرس الوطني، في واشنطن، خلال الساعات نفسها، كان نوعا من الإصرار الخليجي بشكل عام، والسعودي بشكل خاص، على الوجود بالقرب مما يُقال ويتم التفاوض حوله، وكان كذلك نوعا من التعويض للتغييب الخليجي غير المبرر، عن الطاولة!

وكان الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية السابق، والسفير السابق لخادم الحرمين الشريفين في كل من واشنطن ولندن، قد صرح في العاصمة البحرينية المنامة، قبل يوم واحد من انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي السابقة، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في الكويت، بأن دول المجلس يجب أن تكون طرفا مباشرا في مفاوضات الغرب مع إيران.

السؤال هو: إذا لم تكن الدول الخليجية الست، طرفا مباشرا، خلال سبعة أشهر مقبلة.. فمَنْ؟!