الهوس بمصر

TT

كنا نشاهد آلاف الأميركان يقفون في طوابير لساعات طوال لدخول معرض الفرعون «رمسيس الثاني» الذي طاف عدة ولايات بأميركا في المدة من عام 1984 إلى عام 1987م. وشاهده في المدينة الواحدة ما يقرب من المليون نسمة؛ واستطاع السفير عبد الرؤوف الريدي سفير مصر لدى أميركا في ذلك الوقت أن يزور هذه المدن قبل افتتاح المعرض ليعلن عن وصول الملك «رمسيس الثاني» للمدينة ومعه عمدة الولاية وعضو الكونغرس والسيناتور؛ وبذلك حصل لمصر على مكاسب كثيرة؛ وكسب الكثير من الأصدقاء لمصر. لا أستطيع أن أصف الولع بحب مصر وآثارها وكيف نهضت السياحة الثقافية في مصر في العشر سنين الأولى من الألفية الثالثة ووصلت إلى أكثر من 14 مليون سائح في العام؛ كانت تجعل الحصول على حجرة في فندق ضربا من المستحيل! وهذا الأمر يؤكد على فائدة المعارض الأثرية في الخارج.

حدث في آخر مدينة عرض فيها معرض «رمسيس الثاني» وكانت مدينة دالاس أنني كنت أتجول في المدينة مع رئيس المتحف قبل وصول المعرض بشهر تقريبا وأوقف مدير المتحف طفلة صغيرة وسألها.. «ما هو الشيء اللافت للنظر في المدينة؟». فقالت الطفلة «رمسيس». لأن شوارع المدينة كانت تمتلئ بصور «رمسيس الثاني» والصحف والإذاعة والتلفزيون تتحدث عن وصول فرعون مصر إلى المدينة.

ومن القصص الطريفة لعشاق الأهرامات المصرية؛ قصة ذلك الرجل الكندي الذي جاء عن طريق هيئة الاستعلامات لإنتاج فيلم تسجيلي عن هرم «خوفو» وكان يعتقد أن هرم «خوفو» عبارة عن مخزن للقمح وأن الحجرات الـ3 الموجودة داخل الهرم قد بناها سيدنا «يوسف» عليه السلام لكي يتفادى أزمة السنوات الـ7 العجاف التي حدثت في مصر. ولم يكن لديه أي أدلة لإثبات هذا الرأي غير أن الهرم عبارة عن مبنى ضخم أو مناسب لتخزين الحبوب وحاول أن يضع حبوب قمح داخل التابوت الموجود بحجرة الدفن الثالثة وتم منعه من وضعها وسافر دون أن يخرج فيلمه التسجيلي.

أما قصة هيولين كيسي فتستحق فيلما سينمائيا؛ يبلغ من العمر نحو 70 عاما ويقيم في بلدة «فرجينيا بيتش» بولاية فرجينيا، أما أباه فهو إدجار كيسي وكان رجلا فقيرا ويعمل نجارا وكان يعطي وصفات طبية؛ ويقول: إن الأطباء في أميركا أقروا وصفاته وكان يغلق عينيه ويخلع رباطة العنق ثم ينام ويعطي الوصفات الطبية ويحكي هيولين كيسي أنه ظل أعمى لمدة عشرين عاما، واستطاع أبوه أن يعيد له بصره مرة أخرى. وأغرب ما يحكى عن إدجار كيسي أنه تكلم عن الماضي وقال منذ 10 آلاف عام كان هناك رجل اسمه «رع طا» وكان يعيش في القارة المفقودة «أتلانتس» وبعد تدمير القارة حصل على صندوق معدني ووضع داخله كل التكنولوجيا الخاصة بهذه القارة وطار إلى مصر واستطاع أن يبني الهرم مع المصريين و«أبو الهول» ووضع أسفل قدم «أبو الهول» اليمنى هذا الصندوق. وبالطبع لا يوجد دليل واحد يشير من قريب أو بعيد إلى ما يقولونه؛ لكنه الهوس بمصر.