ارتفاع متنام لاحتياج خدمات أقسام الإسعاف

TT

شهدت أقسام الطوارئ في الولايات المتحدة أكثر من 136 مليون زيارة مريض في عام 2011، وهو أعلى رقم يسجل في أي وقت مضى، مقارنة مع نحو 130 مليون زيارة مريض في عام 2010. وذلك وفقا لبيانات جديدة نشرت في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من قبل المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها (CDC) وانخفضت نسبة المرضى الذين يعانون من حالات طبية غير مستعجلة non - urgent بمقدار النصف، وتحديدا تم تصنيف نحو 96 في المائة من حالات زيارة الطوارئ أنها بحاجة لتلقي العلاج الطبي في غضون ساعتين، مقارنة مع 92 في المائة في عام 2010.

وعلق الدكتور مايكل جيراردي، رئيس الكلية الأميركية لأطباء الطوارئ (ACEP)، بالقول: «الاحتياج للذهاب إلى أقسام الطوارئ هو في تنام متزايد، ونحن بحاجة للتحضير لأعداد متزايدة من المرضى». ووفق نتائج مراجعة الكثير من المعطيات الإحصائية والطبية، يتوقع الخبراء الطبيون في الولايات المتحدة أن تكون زيارات أقسام الطوارئ في المستشفيات قد ارتفعت إلى نحو 140 مليون زيارة هذا العام، مع نمو سنوي بمقدار 3 في المائة للأعوام العشر القادمة.

وأضاف الدكتور جيراردي قائلا إنه رغم الحاجة المتزايدة للرعاية الطبية الطارئة، فإن معظم المستشفيات لم توسع أقسام الطوارئ فيها منذ عام 2011. ولم تضع خططا للتوسع في العامين القادمين. واستطرد بالقول: «أقسام الطوارئ بالمستشفيات ضرورية لكل المجتمعات ويجب أن تتوفر لها موارد كافية، بشرية وفنية ومادية وعلاجية، وهي أقسام لا تزال تحت ضغط شديد في مواجهة تحقيق الطلبات المتنامية لمراجعة المرضى فيها، ورغم فاعليتها في توفير الرعاية الطبية الطارئة لأكثر من 136 مليون من المرضى الأشد مرضا فإنها لا تستهلك أكثر من 4 في المائة من الاعتماد المالي القومي للرعاية الصحية، وهذا التقرير هو دليل مُضاف على أننا سنكون بحاجة إلى تخصيص مزيد من الموارد المالية لتوفير هذه الخدمات، وليس أقل في المستقبل».

تقرير مراكز مكافحة الأمراض واتقائها أضاف ملاحظة نتائج أخرى مهمة، منها أن نحو 60 في المائة من المرضى وصلوا إلى أقسام الإسعاف بعد الخامسة عصرا، وليس أثناء أوقات العمل الرسمي. وأن نحو ثُلث المرضى المراجعين لأقسام الإسعاف هم من فئة المرضى أقل من عمر 15 سنة وأكثر من عمر 65 سنة، أي إن غالبية مراجعي أقسام الإسعاف ليسوا أطفالا أو كبارا في السن. كما أن إصابات الحوادث لم تشكل أكثر من 30 في المائة من أسباب زيارات أقسام الطوارئ.

ومن النتائج الأخرى اللافتة للنظر بالنسبة لإحدى الدول المتقدمة في توفير الرعاية الطبية التي تعتمد أنظمة صحية متقدمة، لاحظ التقرير أن غالبية مرضى مراجعة أقسام الطوارئ الذين تم إدخالهم إلى المستشفيات انتظروا وقتا طويلا في أقسام الإسعاف قبل توفر أسرة لتنويمهم في المستشفيات، وتحديدا فإن أكثر من 65 في المائة منهم انتظروا ساعتين أو أكثر. وإن أقسام الطوارئ في ثلاثة أرباع المستشفيات اضطرت للإبقاء على المرضى فيها رغم احتياجهم للدخول إلى المستشفى رغم أن أقسام الطوارئ تلك كانت مثقلة بالأعباء Critically Overloaded لاستقبال مرضى طوارئ جدد في الانتظار لتلقي الرعاية الطبية المستعجلة. وهو ما دفع واضعي التقرير إلى القول إن على المستشفيات أن تنقل مرضى الإسعاف الذين تم تقرير ضرورة دخولهم إلى المستشفى لإفساح المجال للمرضى الذين في الانتظار بأقسام الطوارئ لديها.

وأثار التقرير موضوعا آخر ذا صلة، وهو «تحويل مرضى سيارة الإسعاف» Ambulance Diversion، وهو مصطلح طبي يُقصد به توجيه المستشفى لسيارة الإسعاف التي تنقل المريض بأن تذهب به إلى مستشفى آخر نظرا لعدم قدرة المستشفى على استقباله وتقديم العناية له. ولاحظ التقرير في نتائجه أن 33 في المائة من المستشفيات قامت بذلك، وأن 17 في المائة من المستشفيات عملت للتخفيف من هذا الاضطرار إلى وقف دخول المرضى المسبق إعطاؤهم موعدا للدخول إلى المستشفى وإلغاء العمليات الجراحية غير المستعجلة، بينما بقية المستشفيات لم تعمل على ذلك ولم تتخذ إجراءات مرنة للتخفيف من حالة الضغط في أقسام الطوارئ لديها بسبب صعوبة نقل المرضى فيها إلى أجنحة التنويم بالمستشفى. وقال التقرير صراحة إن عدم المرونة هذا ساهم في تفاقم المشكلة في أقسام الطوارئ.

والواقع أن عمل أقسام الطوارئ بالمستشفيات على المستوى العالمي، إحدى القضايا الساخنة دائما في أوساط تقديم الرعاية الطبية، وخاصة أنها تُعنى بالحالات الإسعافية المتنوعة بصفة واسعة، والتي تتطلب سرعة ودقة في تقديم الخدمة الطبية. ويتطلب نجاح تقديم هذه الخدمات، تيسير سهولة الوصول إليها ومرونة عالية في توفير المعالجة اللازمة وسلاسة في سرعة نقل المرضى المحتاجين للدخول إلى أجنحة تنويم المرضى. بمعنى أن تلك الأقسام، إضافة إلى احتياجها إلى توفير الطواقم الطبية المُؤهلة، تحتاج كي تنجح في تقديم خدماتها إلى توفير عناصر متعددة تعتمد العمل بروح الفريق المدعومة بوسائل السرعة والمرونة في إنجاز العمل الخدماتي، ويوجد اليوم فيها الكثير من فرص التطوير الطبي.

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]