مع علي في نهاية العام

TT

في الطائرة الى الكويت قبل انعقاد قمة مجلس التعاون حظي راكب واحد برعاية استثنائية من كابتن وملاحي الطائرة، كما حظي باهتمامنا كركاب حيث قمنا بتحيته وتهنئته بالسلامة.

علي، وهذا هو اسمه الذي عرفه العالم به، كان في طريقه عائدا الى العراق بعد ان تلقى العلاج، او التأهيل الطبي. علي هو الشاب الصغير الذي بترت يداه في حرب العراق، ومن هول اصابته صار حديث الاعلام العالمي ومحط اهتمامه حتى هذا اليوم، من دون ان نبخس الدور الذي قام به كثير من العراقيين في لندن والحكومة الكويتية والمؤسسات البريطانية للعناية الانسانية بحالته.

لكن، لماذا الاهتمام بواحد من مئات، وربما آلاف من ضحايا الحرب؟ لأنه الرمز الضحية للوجه القبيح للحرب.. بل لكل الحروب مهما كانت اهدافها عادلة او ظالمة.

ووراء الاهتمام به شعور مختلط من الألم والذنب والغضب. تجتمع عند سريره المشاعر مهما تباعدت المواقف السياسية. فعلي يمثل براءة الاطفال، وحصانة المدنيين والعزل، التي هي اول ضحايا الحروب واكثرها انتهاكا. لهذا عندما تسأل المتظاهرين ضد الحرب قبل اندلاعها عن موقفهم السياسي تجد بينهم من لا موقف له سوى مقت حقيقي للحرب، وهي كراهية تترفع عن تفاصيل الخلافات ودواعي النزاع، وهذه الاصوات الانسانية تعترف بانها لا تملك حلا لانهاء الظلم او ردع الظالم، انما ترى الحرب خطيئة مهما كانت دوافعها.

وعندما ترى علي تعرف ظلم الحروب على حقيقتها وتتساءل متى نصل الى اليوم الذي يحرم فيه القتال وتنزع الدول الى وسائل حسم سلمية فاعلة وكافية.

وزيارة واحدة لأي مركز للأطراف الصناعية في الدول التي ابتليت بالحروب تصيب الانسان بالألم والقلق معا. الألم حيث يبدو الانسان رخيصا، مجرد ادوات بلاستيكية وعكازات خشبية، والقلق ان هذه المناظر باتت مألوفة وتختلط بالمشهد العادي الذي لا يحرك ولا يردع.

ولا شك ان علي الصغير كبير في شجاعته وتحمله الألم ومواجهته العالم، صار رمزا من رموز المعاناة، التي تقف قبالتنا وفي وعينا، يحثنا على رفض الحرب.

أملنا في نهاية العام ان ننتهي من هذه الحقبة الدامية وتترك المجتمعات لملء حياتها بما هو نافع لاطفالها.. ان تلعب وتدرس وتعيش حياة طبيعية بعيدا عن امراض الحرب والكراهية.

[email protected]