الوعد الخفي للعولمة!

TT

هل يمكن للعولمة ان تنجز ما حلم به رواد الليبرالية الاوائل من تحقيق الحرية الفردية وحرية الاختيار؟.. ام ان التعددية التي رسمت البشرية وشكلت احدى ابرز جمالياتها الانسانية، باتت في خطر حقيقي أمام ما تفترضه العولمة من تنميط وتوحيد قسري في معظم الاحيان؟

في رأي جون مايكلثويت ووليم هيمان مؤلفي كتاب «المستقبل المتقن» و«تحدي العولمة ووعدها الخفي»، ان العولمة تعمل على تكريس الحرية الفردية وتوسع من فضاء الاختيار، لكن ذلك يحدث على السطح وليس في عمق الاجتماع البشري، أي انها توفر ذلك على مستوى الشكل الرأسمالي الرغبي والذي ينحو الى السيطرة وليس المشاركة، ونمطه الاقتصادي السوق الحر، ونهجه السياسي الاحتكام الى بوصلة المصلحة واطاره الثقافي والقيمي علمانية شاملة وصارمة.

والعولمة في اعتقاد المؤلفين تظل نتاجاً للتطور في السياق الغربي في المجالات المتعددة، ونمطاً لا ينطبق على بقية مناطق ومجتمعات العالم، حيث ان الحرية التي تأتي بها تنطبق على المجتمعات التي ولدت فيها هذه العولمة ولا تنطبق بالضرورة على المجتمعات الاخرى.

يؤكد الكتاب على ان الدولة ما تزال هي الحجر الاساسي في بناء العولمة التي آلياتها يمكن ان تضعف الدولة وقد تزيدها قوة، كما ينتهي المؤلفان الى تشكيل طبقة يسمونها الكوزموقراطيين، وهي خليط من رجال الأعمال والمديرين وملاك الشركات والمضاربين وشرائح من الصحافيين والأكاديميين وبعض الناس العاديين، الذين بات العالم لهم قرية صغيرة وهي طبقة لا تنتمي الا للمهنية او الاختصاص، ولا تهمها الحدود ولا الولاءات السياسية، وهي طبقة آخذة في التوسع حتى يمكنها ان تصبح الطبقة الحاكمة الحقيقية في عالم اليوم والغد.

يعرض الكتاب للتساؤلات المثارة حالياً حول كيفية توظيف الامكانيات في الدول النامية للتقليل من الآثار السلبية للعولمة ولتعظيم الاستفادة من جوانبها الايجابية.. وحول الخطاب العربي تجاه العولمة الذي هو اما خائف ومتوتر او هو سطحي ومتسرع، أرى ان علينا وفوراً دراسة هذه الظاهرة الضخمة التي لم يسبق لها مثيل في الحضارة الانسانية، لنرى مكاننا فيها ونضع لها بعض الضوابط قبل ان يجرفنا تيارها العنيف.

[email protected]