عندما هتف الزنوج في أمريكا.. زاهي حواس كاذب!

TT

بمجرد عرض آثار الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من ثلاثين عاما مضت، ومشاهدة الأمريكيين من أصحاب البشرة السمراء لأحد تماثيل الملك «توت» ملونا باللون الأسود، اعتقدوا أن الحضارة المصرية لها أصول زنجية أفريقية، وأن المصريين القدماء كانوا من أصحاب البشرة السمراء.

وبدأت تظهر في الأسواق الكتب والمؤلفات، بل وأفلام هوليوود التي تصور الفراعنة على أنهم سود البشرة.. وقد نجح الشيخ أنتاديوب من السنغال في وضع مؤلف ضمنه ما قال إنها براهين علمية تثبت أن صناع الحضارة الفرعونية من الجنس الأسود. وبدأ الأمريكيون السود يطوفون الشوارع حاملين لافتات تقول إن أصل الحضارة الفرعونية أسود.

وعندما رافقت معرض الملك «رمسيس الثاني» بمدينة دالاس عام 1988، ألقيت محاضرة ناقشت فيها الآراء التي تتعلق بأصل المصريين، منها ما يقول إن أصلهم «سامي»، وآخر يقول إنه «حامي»، ورأى ثالث يقول بأنها أصول سامية حامية، بمعنى وجود هجرات جاءت من الشرق وسكنت الدلتا، وأخرى من الجنوب وسكنت الصعيد، وأصحاب هذا الرأي يشيرون إلى اختلاف لون البشرة بين أهل الدلتا وأهل الصعيد في مصر.

وكان بالطبع ضمن الحاضرين بمتحف دالاس العديد من الأمريكان أصحاب البشرة السمراء، وفي نهاية المحاضرة أعلنت أن موضوع أصل الحضارة المصرية يجب أن ينظر إليه نظرة علمية؛ لأن المصري القديم قد صور على جدران المقابر مناظر لأسرى الجنوب وبعثات تجارية قادمة من قلب أفريقيا، وصورهم بالملامح الزنجية المميزة من أنف وشفاه وجبهة، وهذه الصفات غير موجودة في تماثيل المصريين القدماء، أو في المناظر المصورة على جدران المقابر والمعابد.

وقلت لهم: «إنني أعتقد أن أصل المصريين.. مصري، وأن هناك جبانة عثر عليها فلندرز بترى ـ العالم الإنجليزي ـ في صعيد مصر يعتقد أن هؤلاء هم الذين بنوا هذه الحضارة العظيمة التي ليس لها مثيل. ولا يعيب الحضارة المصرية إن كان لها جذور أفريقية، كما لا يزيدها عظمة أن يكون لها أصول سامية، فالأصل في الحضارة هو المنتج الإنساني والفكر الخلاق الذي صنع هذه الحضارة التي أضاءت للبشرية طريقا للمعرفة. أما أن يكون صاحب هذا الفكر أسود أو أبيض، فأنا لا أعتقد أن ذلك يغير من الموضوع شيئا، وإنما نتناول أصل المصري القديم من منطلق علمي بحت بعيدا عن الأهواء!».

وبعد المحاضرة بدأت المسيرات الغاضبة في دالاس تندد بآرائي، وأرسلوا برقيات هجاء إلى المكتب الثقافي المصري، وكان يرأسه في ذلك الوقت الدكتور عبد اللطيف أبو العلا، بل وبدأت أتلقى رسائل وضعوها أسفل باب مكتبي داخل المعرض، ومنها رسالة تقول: «ليس معنى أن هناك فتاة بيضاء تحضر لك القهوة.. أن تعتقد أنك أبيض.. أنت أسود»!

كان موضوع أصل الحضارة المصرية موضع نقاش هيئة اليونسكو، وأعلن العلماء المشاركون: «أن أصل الحضارة الفرعونية يحتاج إلى دراسات علمية، ولا يمكن أن نرجع أصل الحضارة إلى الجنس الزنجي لمجرد وجود تمثال للملك «توت عنخ آمون» ملون باللون الأسود..».

وقبل موعد محاضرة أخرى لي في فيلادلفيا ـ ثاني مدينة أمريكية بها أعلى نسبة من السود ـ كنت ضيفا على أحد البرامج التليفزيونية وناقشت الموضوع نفسه وفوجئت بعدها بالعديد من الأمريكيين يحتلون نصف الشارع الذي توجد به قاعة المحاضرات التي سألقى بها المحاضرة، وهم يحملون لافتات تقول: «زاهي حواس كاذب.. أصل الفراعنة زنجي»!

وتأخر موعد المحاضرة لأكثر من ساعة، ولم يهدأوا إلا بعد أن قلت لهم: «إن مصر تقع في أفريقيا.. وأن أصلكم من أفريقيا..».

www.zahihawass.com