الوساطة السعودية وفرصة طالبان الأخيرة

TT

الدعوة التي وجهها الرئيس الأفغاني حميد كرزاي إلى السعودية، للتوسط بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان والقبائل لإحلال السلام في بلاده، دعوة صائبة تأخرت كثيرا، فالسعودية هي الأقدر من بين دول العالم على لعب هذا الدور لمكانتها في العالم الإسلامي، وكذلك لتقبل وساطتها على المستوى الدولي، وقد لا تكون أمام طالبان بوابة للخروج من مأزق الرفض الدولي لها غير بوابة الوساطة السعودية، وهي الفرصة الوحيدة المتاحة أمامها، والتي ينبغي ألا تفوّتها، خاصة أن السعودية كانت واحدة من دول ثلاث اعترفت بنظام طالبان، حينما كانت حركة طالبان تعمل على حماية المواطنين الأفغان من بطش أمراء الحرب، ومقاومة الفساد، والقضاء على زراعة المخدرات، ولكن ما إن استتب الحكم لهذه الحركة على الجزء الأكبر من البلاد، حتى بالغت في تشددها، وضيقها بحياة العصر، واستقلالية المرأة، ولم تسلم حتى آثار البلاد من تشددها وضيق أفقها، إلا أن أهم وأخطر أخطاء طالبان تحولها إلى ملاذ للإرهاب والإرهابيين، الأمر الذي عجل باصطدامها بالمجتمع الدولي، وهزيمتها عقب حادثة 11 سبتمبر (أيلول) المشؤومة.

ويأتي تعليق وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على دعوة كرزاي لوساطة السعودية منطقيا، فهو لم يغلق الباب، لكنه اشترط أن يأتي الطلب رسميا من أفغانستان، وأن تؤكد طالبان نواياها في حضور المفاوضات، بقطع علاقاتها مع الإرهابيين، مؤكدا أن إثبات رغبة طالبان في السلام والنية الصادقة لتحقيقه يبدأ بقطع طالبان علاقاتها مع المتشددين، والتوقف عن توفير الملاذ لأسامة بن لادن، إذ ليس من المنطق في شيء أن تدخل السعودية في وساطة بين طرفين، أحدهما يوفر غطاء لجماعات إرهابية معادية للسعودية وللعالم.

دعوة كرزاي لوساطة سعودية قد تحمل في طياتها الأمل الوحيد لطالبان لإنهاء عزلتها وتشردها ومطاردتها، وهي فرصتها المواتية لتبييض صفحتها، وتصحيح أخطائها، وتصويب علاقتها مع المجتمع الدولي، بل وتحولها لتصبح جزءا مقبولا ضمن مكونات المجتمع الأفغاني، فهل تنجو طالبان برأسها، فتفض تحالفاتها مع المتشددين، أم أنها ستواصل عنادها، وتتمسك بأخطائها، لتغرق هي وحلفاؤها معا في دوامة عنف نتائجه محسومة سلفا؟ فإن كانت الحكومة الأفغانية تطلب الوساطة اليوم مع طالبان، فإن رفض طالبان لهذه الوساطة قد يضيق خيارات الحكومة الأفغانية ومعها العالم، فتصبح الحرب على طالبان وحلفائها المتشددين قضية حتمية، يومها تكون طالبان قد ارتكبت غلطة النهاية.

[email protected]