حكيم الله محسود قتل.. لم يقتل..

TT

للمرة الثالثة خلال أشهر قليلة تتضارب التصريحات والبيانات بين السلطات الباكستانية والاستخبارات الأميركية من جهة، وحركة طالبان باكستان من جهة أخرى، إذ لا تكاد إسلام آباد تعلن عن مقتل زعيم طالبان الباكستانية حكيم الله محسود حليف تنظيم القاعدة والمتهم بالتخطيط لسلسلة تفجيرات وعمليات أمنية في باكستان وأفغانستان، حتى تسارع طالبان إلى إصدار شريط فيديو أو تسجيل صوتي وتسربه عبر الإنترنت يظهر فيه محسود نافيا أنباء مقتله ومؤكدا من جديد استمرار تنفيذ عمليات جديدة. فمصير محسود كان مدار جدل في الفترة الماضية بعد أن أشارت تقارير إلى أنه كان هدفا لغارتين من طائرات تعمل دون طيار..

توزع السلطات الباكستانية صورا لغارات على مواقع جبلية تؤكد فيها القضاء على قيادة طالبان باكستان، فتعمد الحركة إلى توزيع لقطات وتسجيلات تنفي فيها مقتل الرجل وتؤكد استمراره..

إذن، بموازاة المعارك والتفجيرات والقتال الميداني لا تغيب الحرب الإعلامية عن الساحة الأفغانية - الباكستانية على الطريقة الطالبانية - القاعدية..

وهنا يبدو الإعلان المتكرر عن مقتل محسود بمثابة وسيلة لاستدراجه إلى الظهور مجددا وهو لا ينفك يستجيب لهذا الأمر غير مكترث لغايات السلطات في بلده أو خارجها، فالرجل يحب الصور والإعلام، وهو يسعى على الأرجح إلى تقليد زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن في أدائه وتبختره أمام العدسات تسبقه حكايات عن قسوة في البطش بخصومه وضحاياه..

يستند حكيم الله محسود في تعامله مع الإعلام إلى خبرة استقاها من دوره كمتحدث رسمي باسم سلفه بيت الله محسود وهو الدور الذي جعل منه شخصية معروفة من خلال اتصالات مباشرة بالصحافيين وعبر الظهور في كثير من المقابلات، إذ نادرا ما كان يمتنع عن إجراء مقابلة مع أحد ليتصدر مؤخرا المشهد الطالباني في منطقة وزيرستان بعد مقتل الزعيم السابق بيت الله محسود..

حتى في صور الفيديو التي ظهر فيها الانتحاري الأردني همام البلوي الذي نفذ هجوما ضد عناصر استخبارات أميركية في قاعدة خوست في أفغانستان مطلع العام الحالي، بدا حكيم الله محسود إلى جانبه بمثابة الأب الروحي لتلك العملية، علما أن البلوي كان قد خطط لها بمفرده، كما تبين لاحقا، لكنه أحب أن يجامل طالبان باكستان..

في كلا الإعلانين (القتل ونفيه) تظهر حالة توظيف لوسائل الاتصال الحديثة في معركة صار من المفترض أن نبدأ بالتدقيق في جدوى خوضها.. فأن يصبح الإعلام وسيلة تبادل رسائل على هذا النحو المكشوف ففيه خروج كبير عن وظيفة من المفترض أن تشكل جوهرا مهنيا، وهو ما قد يبدو مطلبا في غير محله ربما في الحالة الطالبانية هذه.

لكن، هل على الإعلام أن يؤدي هذه المهمة؟ وهل يكفي أن يكون القتل سبقا لنصرف النظر عن وسيلة نقله؟ أم أن همّ التدقيق والحقيقة ينبغي أن يسبق همّ السبق الصحافي؟

diana@ asharqalawsat.com