حذارِ من الإنترنت

TT

هذا موضوع يتطلب التحذير من كل من يستعملون الإنترنت ويتراسلون بالإيميل. أنا أعرف مليا ما ترتب على الإنترنت من مشكلات، ولا سيما في موضوع التزوير المالي. ذكروا أن البنوك تخسر سنويا مليارات الدولارات على نطاق عالمي بسبب التزوير الإلكتروني. أعرف ذلك، وأعرف مدى الفضائح والمخادعات والكذب الذي أخذ يشيع في هذا الميدان. أعرف كما يعرف معظم القراء أن من الخطر الجسيم إعطاء أي معلومات أو أرقام شخصية سرية على الإنترنت، ومع ذلك وقعت في حبائل المزورين. واستطاعوا أن يحصلوا مني على كلمة السر لموقعي على الهوتميل. أحذّر القراء من أن تصلهم باسمي على الهوتميل شتى التصاوير (!) أو الوثائق أو المقالات أو الفواتير. إنني لا أستعمل هذا الموقع الآن مطلقا، وهو الآن تحت رحمة المزورين رغم أنه يحمل اسمي.

بعث المزورون من لاغوس في نيجيريا بإيميلات إلى سائر أصحابي يستنجدون بهم لإرسال 1500 باوند إسترليني لإنقاذي من ورطة وقعت بها في لاغوس. الحمد لله، يعرف كل أصحابي أنني في لندن ولم أرَ لاغوس في حياتي، كما أن الإيميل كتب بلغة إنجليزية مكسرة لا تليق بمؤلف يكتب بهذه اللغة. ضحك أصحابي على الإيميل وشطبوه، وضحكت أنا أيضا معهم وقلت كيف يتوقع هذا المزور أن يصدقه ويستجيب لإيميله أي شخص وقد كتب بهذه اللغة الركيكة المكسرة والخالية من أي منطق أو عقل؟

قلت ذلك لصحافية خبيرة بشؤون العالم العربي، وإذا بها تضحك علي لا على الإيميل. قالت أنت جاهل يا خالد في هذا الموضوع. الناس في الدول الخليجية يخسرون سنويا ملايين الدولارات في الاستجابة لمثل هذه الإيميلات. أنت وأصحابك تعرفون اللغة الإنجليزية جيدا فتدركون ركاكة الإيميل وسخف كلامه. ولكن امرأة بسيطة هناك لا تدرك ذلك عندما تتسلم إيميلا باسم زوجها الجنرال في الجيش وهو مسافر في الخارج، يمكن أن يكون في الرفيرا أو لاسفيكز أو لاغوس أو تمباكتو. من أين لها أن تعرف أين ذهب؟ وليس في سخف كلام الإيميل ما يتنافى مع سخف كلام زوجها أو قلة عقله.

إذا لم تبادر وتبعث له بالفلوس فورا، سيعود بعد أيام قليلة ويشبعها ضربا. ألف وخمسمائة باوند، والكندرة. أبعثها وأتخلص من المشكلة!

وأنت يا خالد - قالت لي هذه الخبيرة في شؤوننا - وقعت في المحنة وأعطيت كلمة سر الموقع رغم كل ادعائك بالمعرفة والخبرة، ما الذي تنتظره من المواطن البسيط؟ كيف سيتحاشى إعطاء كل المعلومات المتعلقة بحساباته وأمواله وشخصه وهويته، وهو أمام هذه الفذلكات الإلكترونية؟

وهكذا يخسر العالم العربي ملايين الدولارات سنويا بسبب هذه التزويرات الإيميلية، وهذه مسألة تجسم لنا مشكلات جهلنا وأميتنا في التعامل مع مستحدثات العصر المتطورة.

نقطة أخرى تلفت النظر. معظم هذه التزويرات المالية تأتي من نيجيريا. لا أدري لماذا أبدع مواطنوها بهذه المهنة أو من دلهم عليها. هناك دول نفطية، ودول سياحية، ودول زراعية، ودول صناعية البعض يريد نيجيريا دولة تزويرية.