خوش أدب!

TT

ليس بمقدور أحد تصور أن مداخلة، بأحد الأندية الأدبية، يطالب فيها المداخل بأن يصاحب عرض المحاضرة التي تلقيها إحدى الأديبات، في القاعة المجاورة، مواد مرئية تحوي مشاهد متوافقة مع مضمون الأمسية، يمكن أن تؤدي بالمداخل إلى قبضة الشرطة لتتعامل معه - كما يقول - وكأنه «مجرم»، حيث أُخذت بصماته وصُوّر حاسر الرأس، والسبب - كما أوردته الصحافة - تقرير رفعه رئيس النادي، اعتبر تلك المداخلة دعوة إلى التبرج، واعتبرها أفكارا شيطانية لا توجد إلا في أذهان أعداء الدين، مطالبا بعدم السماح لصاحب المداخلة الدكتور علي الرباعي بدخول النادي، أو التحدث من منبره لحماية الأخلاق من الرذيلة! للأسف ذلك ما حدث للدكتور الرباعي عقب مداخلته في نادي الباحة الأدبي، رغم شهادة الكثيرين من حضور المحاضرة، ومنهم زوج المحاضرة، ومدير الأمسية بأن المداخل لم يطالب ببث مباشر للمحاضرة أو الموجودات في القاعة النسائية، كما ادُّعِي عليه.

إن ما حدث للدكتور علي الرباعي كثير جدا، ويتجاوز حدود المنطق والمعقول والمقبول، حيث يفترض أن قضايا الأندية الأدبية لا تعالج على هذا النحو، ولا ينبغي أن ينفرد مسؤول في النادي باتهام أحد بمعزل عن مجلس إدارة النادي، ومرجعيته لوزارة الثقافة والإعلام.

ولعلها فرصة لتذكير وزارة الثقافة والإعلام بمراجعة قواعد اختياراتها لمجالس إدارة الأندية، وإعادة الإجراءات الانتخابية التي ظلت الأندية الأدبية تعمل بها قبل أن تستبدل بقرارات التعيين، فأهل مكة أدرى بشعابها، والأدباء يفترض أن يكونوا أدرى بشؤون أنديتهم، ومن يرشحون لقيادتها، فلقد أتت الانتخابات في السابق بقيادات استطاعت أن تقود الأندية سنوات طويلة، في غمرة الكثير من صراعات المدارس الأدبية، بقدر كبير من الكفاءة والتوازن والعقلانية، دون أن تصل أحداث ما يجري في قاعاتها إلى مخافر الشرطة وأقسام التحقيقات.

وكنت أتمنى على رئيس نادي الباحة الأدبي - لو صح ما قيل عنه - أن يتريث قليلا قبل البدء في كتابة التقرير؛ فيعقد اجتماعا مع مجلس إدارة النادي للتأكد من أمر المداخلة، لكيلا ينفرد بتفسيره الخاص لمعناها، وما يترتب على هذا التفسير من إزعاج للسلطات، وإساءة لأديب جاء ليتفاعل مع طروحات النادي، ولتجنيب النادي هذه الإثارة التي من شأنها أن تسيء للحركة الثقافية ورموزها.

وأخيرا: ترى كيف ستتصرف وزارة الثقافة والإعلام المعنية بأمر الأندية إزاء إشكالية كهذه؟

[email protected]