خذ الكتاب بقوة..

TT

افتتح منذ أيام قليلة معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهو أقدم وأكبر معارض الكتاب في العالم العربي، ويعتبر أحد أكبر معارض الكتاب العالمية من ناحية حجم المعروض. ولم يكن عدد الزوار، وبالتالي الإقبال على المناسبات الثقافية والفعاليات المتنوعة وطبعا على المبيعات كبيرا، بسبب الخوف المستمر من إنفلونزا الخنازير مع استمرار الإعلان عن حالات الوفيات، وكذلك انصراف الكثير من الناس لمتابعة فعاليات مباريات كرة القدم وبطولة كأس أفريقيا للأمم. هناك «عودة» للكتاب، وهذه العودة تتخذ أشكالا مختلفة باختلاف البلد. شكل المكتبات وأسلوب عرض الكتاب اختلفا وطريقة الترويج له باتت تتخذ أساليب جديدة وغير تقليدية. المكتبة اليوم باتت مقصدا ترفيهيا بحد ذاتها وهذا المشهد من الممكن الحكم عليه بقوة في مصر مثلا؛ فهناك مكتبات عصرية جديدة تقدم «مناخا» وجوا متكاملا للاستمتاع بتجربة القراءة. فمكتبات ديوان تقدم الكتاب في جو دافئ به مقهى صغير تقدم فيه المأكولات البسيطة وسط الحديث عن الإصدارات والموسيقى، وهناك تجارب مكتبة ألف، التي تقدم الكتاب معتمدة على الجو العربي القديم وبطريقة جميلة ولافتة يتم فيها عرض الإصدارات المختلفة، وذات الأمر ينطبق على مكتبة الكتبخانة، وهناك طبعا سلسلة دار الشروق المنتشرة وهي من أهم دور النشر في العالم العربي، وهذه النوعية الجديدة من المكتبات تقدم الكتاب بطريقة جديدة وتعتني بأسلوب العرض بشكل جمالي دون «غبار» أو «تكديس»، وموظفو المحل صغار السن وحسنو المظهر، واللباقة في الحديث واضحة، على عكس الأسلوب التقليدي القديم الذي كان يعتمد على دراية شخص واحد يبحث عن الكتاب وسط الأرتال والأكوام أو في الغرف الخلفية، ولا شك كان لذلك طعمه ورونقه، ولكن الإيقاع اختلف والزمان تغير.

وما ينطبق عليه الكلام في مصر يتحول بالتدريج إلى ظاهرة عربية عامة. فلبنان تشهد غزوة متاجر فيرجن البريطانية العملاقة لتصبح أحد أهم منافذ الكتب (وفيرجن موجودة في مصر ولبنان ودبي وجدة وتؤدي ذات الغرض في كل مدينة هي فيها)، ولكن هناك بدايات تطوير في بعض منافذ الكتب المعروضة، فهناك مكتبة أنطوان المعروفة، وكذلك بيسان للكتب العربية والمكتبة العالمية المتخصصة في الإصدارات الأجنبية مع عدم إغفال المكتبة الشرقية. أما في سورية التي عرفت مكتبات عريقة كالنورس والعائلة في دمشق والقلم في حلب، فهناك إضافة جديدة لا يمكن عدم التطرق إليها وهي مكتبة إكسبريس التي لديها فرع في دمشق وآخر في حلب وتقدم الكتاب والقهوة في جو عصري وجمالي أخاذ ولافت. وفي الأردن هناك مكتبة بوكس آت كافيه وهي مكتبة ومقهى ومركز للإنترنت في فيلا قديمة بأحد أحياء عمان القديمة، مما يعطي المكان قيمة تاريخية وعصرية خاصة وفريدة في مشهد التاريخ والمستقبل بين الإنترنت والكتاب.. مشهد جميل.

الخليج العربي ومدنه يشهد انفتاحات كبيرة على الكتاب ونهما على التأليف والنشر؛ فهناك العملاقان جرير والعبيكان المنهمكان في ترجمة «الكم» بأعداد كبيرة من الكتب المتنوعة والأكثر مبيعا وإن كان ذلك على حساب «الجودة» من خلال ورش عمل للترجمة في القاهرة ولبنان وسورية والأردن، إلا أن أهم مكتبة في السعودية هي نادي الكتاب بالرياض بلا شك ومكتبة المتنبي بالدمام وتبقى جرير المصدر الأهم للكتب الغربية. وفي الكويت تبقى دار قرطاس هي المكتبة الأبرز والأهم. وفي دبي هناك دار الحكمة للكتب العربية والمجرودي للأجنبية مع عدم إغفال أهمية دخول مكتبة برودرز الأميركية للسوق وإضافتها المميزة. البحرين هي الأخرى يبقى التميز فيها لأربع مكتبات هي العائلة والوطنية والأيام وبوكس بلاس. الكتاب يقدم بشكل مبهر وجديد، وكمية ما يطبع منه هائلة والناشرون في ازدياد والمؤلفون يتكاثرون ونوعية الطباعة إلى تحسين، المشكلة تبقى تطوير أسلوب التسويق والترويج، والبدء في المدارس وتحفيز القراءة في الأماكن العامة عبر رحلات منظمة وهذا غير موجود. لا يزال العالم العربي أسير قراءة الأخبار بين الصحف والمجلات، وهذا يولد ثقافة الخبر، بدلا من انتشار قراءة الكتاب، التي تولد ثقافة المعرفة، وشتان الفارق بين الاثنتين.

[email protected]