إيران.. الأخبار الجيدة سيئة

TT

قد تبدو بعض التصريحات الغربية حيال التعامل مع إيران جيدة لطهران، إلا أنها ليست كذلك؛ فبعد إعلان أحمدي نجاد أن بلاده ستبدأ إنتاج وقود نووي مخصب لمستويات أعلى، قال الفرنسيون إنهم ليسوا متأكدين من إمكانية فرض عقوبات دولية على إيران بسبب الصين غير المتعاونة، بينما قال وزير الدفاع الأميركي بأن «السبيل الوحيد الباقي أمامنا في هذه المرحلة، وكما يبدو لي، هو وسيلة الضغط لكن هذا يتطلب أن يعمل المجتمع الدولي كله معا» للتعامل مع طهران.

تصريحات تبدو للوهلة الأولى نجاحاً إيرانياً لدى التعامل مع الغرب، خصوصاً أن إيران اعتمدت، وكما قال وزير الخارجية الألماني، على «المراوغة والحيل. لقد لعبت لكسب الوقت» وذلك لضرب أي محاولة لتوحيد صفوف المجتمع الدولي ضدها، لكن هل هذه أخبار جيدة للإيرانيين، أو يمكن وصف ذلك بالنجاح؟ لا أعتقد!

فإذا كان الإيرانيون، وكما قال عنهم مسؤول تركي بأنهم «اخترعوا الشطرنج.. لا توجد طرق مختصرة معهم»، فالخبر السيئ هنا لإيران أن هذا يعني أن إمكانية أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية إلى طهران قاد بات أمراً قائماً أكبر من أي وقت مضى. فمجرد أن يعلن الغرب، سواء أوروبا أو أميركا، بأن طرق التفاوض قد باتت مسدودة مع إيران، فحينها ستكون فرصة سانحة لإسرائيل لإقناع الغرب بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، خصوصاً أن الإيرانيين نجحوا في تفريغ الوقت المحدد لهم من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما، مما جعل هذا الأمر من نقاط الضعف التي يهاجم بها الجمهوريون أوباما في واشنطن، وأبسط دليل على ذلك الهجمة الإعلامية التي تقوم بها الآن سارة بالن ضد أوباما، خصوصاً عندما قالت «نحن بحاجة إلى قائد للقوات المسلحة، وليس إلى أستاذ قانون يلقي المحاضرات».

ولذا نقول إن ما يبدو على أنه أخبار جيدة لإيران، في الحقيقة ينطوي على خبر سيئ وهو أنها باتت معرضة أكثر من أي وقت مضى لضربة عسكرية من قبل إسرائيل، خصوصاً أن النظام الإيراني في ورطة حقيقية بالداخل، فتنازل طهران عن حقها النووي سيجعلها في مواجهة عنيفة مع المعارضة التي باتت تتغلغل في الشارع الإيراني، حيث سيكون السؤال وقتها: عَلامَ أضاع الملالي الوقت، وعرّضوا اقتصاد البلاد للمخاطر؟ وهو ملف تلعبه المعارضة الإيرانية بكل ذكاء.

أما في حال وقعت المواجهة العسكرية، وخرج النظام بإصابات مفصلية حقيقية، وهو المتوقع، فحينها سيكون الملالي في ورطة أيضاً أمام الغضب الداخلي المتنامي، ولذا فان نظام إيران في ورطة، كما أسلفنا، لأنه يحرص أكثر على عدم انهيار مشروعيته الداخلية، وإن وصل الأمر إلى مواجهة عسكرية، فالانهيار الداخلي يعني نهاية حكم الملالي، بينما الخسارة أمام ضربة عسكرية خارجية قد تمنح النظام الفرصة لقمع المعارضة بكل عنف باسم الدفاع عن الوطن أمام «الخونة»، ولكن يبقى السؤال هنا هو: هل يستطيع النظام الإيراني حينها الصمود؟ لذا نقول إن الأخبار الجيدة لإيران تنطوي كثيراً على أخبار سيئة.

[email protected]