وزير أم جزار؟

TT

أياً كانت الضغوط السياسية في لبنان، فإن تصريحات وزير الصحة اللبناني الدكتور محمد جواد خليفة في مؤتمره الصحافي، قبل أول من أمس، على خلفية البحث عن جثث ضحايا الطائرة الإثيوبية، تعد أمراً غير مقبول، بل ومستهجناً.

فمن قرأ الصحف الصادرة أمس سيجد أن تصريحات الوزير معقولة ومنطقية، بعد أن شذبت، لكن من شاهد، وسمع، الدكتور خليفة على التلفاز سيصاب بالذهول، حيث تحدث الدكتور عن ضحايا الطائرة الإثيوبية المنكوبة وكأنه يتحدث عن أجزاء خروف مذبوح في مجزرة، خصوصاً حين غاص في تفاصيل قطع الرؤوس، وتحلل الجثث، وحديثه عن «الشقف» أو الأجزاء، وبطريقة مقززة، ومنفرة، لا يملك المرء معها إلا أن يقول كان الله في عون ذوي الضحايا الذين يعذبون كل يوم بسبب التعامل السياسي والإعلامي في لبنان مع قضية الطائرة المنكوبة.

فمن غير المعقول، أو المقبول، أن يعلن وزير الصحة اللبناني، وعبر وسائل الإعلام، عن العثور على أشلاء، أو «شقف» أحد الضحايا، ويقوم بتسميته على التلفاز، قبل أن يبلغ ذويه بالأمر، أفلا يستحق أهل الضحية شيئاً من التقدير والمراعاة؟ وكيف ستتحمل العائلة سماع تفاصيل جثة ابنها أو أبيها فجأة وأثناء مشاهدتهم لمؤتمر صحافي؟

للأسف انشغل الإعلام اللبناني، والساسة هناك، بقول وزير الصحة بأن انفجاراً قد وقع في الطائرة، أكثر من انشغالهم بتصريحات الوزير التفصيلية عن جثث الضحايا، مما دفع الوزير إلى توضيح ما قصده بقوله «تفجير» بينما لم يلتفت الكثير إلى الطريقة المنفرة التي ناقش بها الوزير تفاصيل جثث الضحايا!

أمر الموت دائما بيد الله، سواء كان في البر أو البحر أو الجو، كما أن لبنان ليس أول أو آخر بلد تقع فيه كارثة جوية، وليس أول أو آخر بلد أيضاً يتعرض إلى كارثة جوية بفعل فاعل، في حال ثبت أن سبب نكبة الطائرة الإثيوبية عمل تخريبي، فكم من الشخصيات البارزة والمعلومة صفيت في لبنان، وفي وضح النهار. لكن غير المقبول هو الانفعال في التعامل مع كوارث إنسانية، وتحت أي مبرر كان، وتصريحات وزير الصحة اللبناني ما هي إلا دليل جديد على غياب ثقافة إدارة الأزمات والكوارث في العالم العربي.

فمهما قيل، ويقال، في عالمنا العربي عن استعداد دولنا للتعامل مع إدارة الكوارث، فإن هذا الأمر غير صحيح، فما نراه في كل أزمة بعالمنا العربي ما هو إلا تخبط وارتباك واضح ينم عن غياب ثقافة إدارة الكوارث، سواء سياسياً، أو إعلامياً، وقبل كل شيء، كيفية التعاطي مع الضحايا وذويهم بشكل إنساني، فأكثر ما تحرص عليه كثير من الدول العربية هو السعي لحجب المعلومات!

وبالتالي فإن ما نراه، عموماً، بالنسبة لقضية الطائرة الإثيوبية المنكوبة بلبنان، أمر محير فعلا، حيث الارتباك، والتضارب في التصريحات، ناهيك عن الانفعال، ومصدر الاستغراب أن لبنان بلد خبر كثيراً من المصائب، والحروب، التي نسأل الله أن لا تتكرر، فهل هناك أمر ما يريد البعض إخفاءه حول حادثة الطائرة الإثيوبية؟

[email protected]