لبنان وقمة ليبيا

TT

خرج رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري من اجتماعه مع الرئيس ميشال سليمان مساء الخميس الماضي، ليعلن أن لرئيس الجمهورية القرار في حضور قمة ليبيا أو عدم حضورها، أما هو، بري، فمع مقاطعتها. قبل ذلك بأسبوع كان الأمين العام للمجلس الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، قد أعلن أن الطائفة ضد حضور القمة.

منذ أن اختفى الإمام موسى الصدر خلال زيارة رسمية إلى طرابلس عام 1978, تتخذ الطائفة الشيعية موقفا واضحا ومعلنا من ليبيا. لكن الصدر، بما يمثل، ليس شخصية مذهبية وإنما هو زعامة لبنانية كانت، في مرحلة طويلة، تمثل جميع اللبنانيين، ووحدة لبنان. ولم يكن اختطافه في ليبيا مجرد حدث من أحداث حرب لبنان، بحيث تُطوى الصفحة كما طُوي سواها. فقد اختفى الرجل، مع رفيقين له، وهو يلبي دعوة لحضور احتفالات الفاتح من سبتمبر. وهذا يعني ببساطة، أن الدولة الداعية والمضيفة، هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة.

هناك فريق في لبنان يقول إنه يجب تجاوز المسألة، من أجل المصالح المشتركة بين البلدين: عمال ومبادلات وعلاقات اقتصادية مختلفة. لكن حضور الرئيس سليمان للقمة سوف يعتبر تحديا داخليا كبيرا. وحتى إذا تقرر أن يتمثل لبنان برئيس الوزراء سعد الحريري، فسوف يعتبر التحدي أكثر حساسية. وإذا ما اعتبر أن الحل الأمثل هو إرسال وفد برئاسة وزير الخارجية، كما ستفعل دول أخرى، فإن ذلك مستحيل لأن وزير الخارجية شيعي.

هل يرفض لبنان إذن، حضور القمة؟ هذا أيضا صعب، فهذه قمة دورية، والمهم فيها هو القمة نفسها وليس مكان انعقادها. يبقى أن تُمَثَّل الدولة إما بسفيرها في طرابلس، وإما بسفيرها لدى الجامعة العربية. وهذا بدوره يشكل المزيد من التأزم في العلاقة بين بيروت وطرابلس. فالأخيرة تريد أن ترى أكبر عدد من الزعماء العرب وقد حضروا، خصوصا بعدما خسر العقيد القذافي رئاسة الوحدة الأفريقية. وبعد سنوات طويلة من التوجه نحو أفريقيا، واستقبال عدد كبير جدا من المهاجرين الأفريقيين في عاصمة الاتحاد، تستضيف ليبيا للمرة الأولى مؤتمرا عربيا شبه استثنائي من حيث حجم وأهمية القضايا المطروحة على جدول أعماله. وأهمها حال الوفاق العربي المتردي.