الجمعـة 27 صفـر 1431 هـ 12 فبراير 2010 العدد 11399 الصفحة الرئيسية
 
مشعل السديري
مقالات سابقة للكاتب    
إبحث في مقالات الكتاب
 
أولادك مع أولادي ضربوا أولادنا

اقترح عليّ أحدهم أن أرافقه إلى مطعم صيني شبه شعبي، وأكثر رواده من المقيمين الصينيين، وفعلا ذهبنا، ولفت نظري ظاهرتان استهجنتهما في البداية، ولكنني تقبلتهما في ما بعد عندما عرفت السبب: الظاهرة الأولى هي ارتفاع أصوات الزبائن باستدعاء أو طلب «الغراسين»، فالمكان كله كان يضج بالأصوات العالية. والظاهرة الثانية هي رشفهم للحساء (الشوربة) بصوت مرتفع كذلك، وهم يقولون إن السبب في ذلك أنهم يقدمون الحساء حارّا جدّا، ولو أن الواحد وضع الملعقة الكبيرة في فمه فلا شك أن فمه سوف يحترق، لهذا هم يرشفون ومع رشفهم يدخل الهواء ويخفف الحرارة، قلت: «ولماذا كل هذه المعاناة؟ لماذا لا يتريث ويصبر الواحد منهم قليلا حتى يبرد الحساء ويشربه بهدوء؟» قيل لي: «إن ذلك ليس من التقاليد الصينية وهو يُعتبر عيبا».

عندها تذكرت رجال البادية المشابهين تماما للصينيين من ناحية ارتفاع وتيرة الرشف، ويتفوقون عليهم بأنهم بعد ذلك «يكرعون» ثم يحمدون الله كثيرا على النعمة.

ويختلف أهل الصين بالمصافحة عن بادية شمال الجزيرة العربية، فالصيني عندما يصافحك يمد يده لك وهي مرتخية ثم يضعها في يدك وكأنه يضع لحمة نيّئة، بعكس تلك الفئة من رجال البادية، فالواحد منهم يقبض على يدك ولا يطلقها، ويا ليته يكتفي بذلك فقط، ولكنه طوال الوقت يشد عليها ثم يرخي، ثم يشد ويرخي، ثم «يدعبس» بأصابعه على راحة يدك، ثم يأخذ يمطرك بالأسئلة دون أن يتوقف كأنه يشغل «أسطوانة مشروخة» قائلا: «كيفك؟ كيف أنت؟ وشلونك؟ وشلون العيال؟ والحمولة؟»!، ثم يعيد ويزيد دون أن يستمع أو حتى ينتظر أو يهتم بجوابك على أسئلته الروتينية التي لم يفكر بها أصلا، ولكنها خرجت من فمه حسب العادة، وقد يستمر على هذا المنوال خمس أو عشر دقائق دون أن يمل أو يتعب.

ولا أنسى رد فعل رجل من الحاضرة عندما مد يده مصافحا رجلا من رجال البادية تلك، وفوجئ به يضغط على يده ويلعب بها بأصابعه، وإذا به فجأة ينفض يده منه بالقوة، ويقفز مبتعدا عنه وقد جحظت عيناه من شدة الاستغراب والحذر، معتقدا أن ذلك الرجل غير طبيعي وأن له مآرب غير شريفة.

فتدخلت بينهما قائلا: اهدأ، اهدأ، فهذه عادة هدفها الاحترام والحفاوة.

* *

هو رجل تزوج وانفصل عن زوجته وله منها ثلاثة أبناء، وهي امرأة أرملة لها ابنان، وتزوج الرجل بالمرأة وخلفا ابنَين، وأصبح السبعة أبناء يعيشون معهما في بيت واحد، وما أصعب العيش مع قبيلة من خمسة أبناء متقاربين بالسن.

وفي أحد الأيام وبينما كنت جالسا مع ذلك الرجل رن تليفونه الجوال، وسمعته يتأوه قائلا: «حاضر، حاضر يا ستي سوف آتي حالا، مسافة السكة»، وأغلق التليفون قائلا: «الله يعين».

سألته منزعجا: خير إن شاء الله؟

قال لي: «أبدا يا سيدي، فزوجتي تستنجد بي قائلة: تعال بسرعة الحقني لأن أولادك مع أولادي ضربوا أولادنا».

* *

قالت له: «إنني أحبك»، ثم سألته: «وأنت؟».

فأجابها: «وأنا كذلك، أحب نفسي».

[email protected]

> > >

التعليــقــــات
وسن عبدالله شاهين، «فرنسا ميتروبولتان»، 12/02/2010
والله اكبر مشكله ثلاث عوائل مع بعض في بيت واحد .. مستحيل يحصل بينهم تفاهم .. اكيد حيكون بينهم الحقد والكراهيه ..
محمد القرط، «فرنسا ميتروبولتان»، 12/02/2010
صباح الخير يابو تركي والحمدلله حجزت لي اليوم من أوئل المقاعد في الردود ،، ذكرتني سالفة الزوجة اللي متصله تستنجد بزوجها بفيلم مصري في السبعينيات والذي تتعرف فيه الأرملة الشابة على أرمل شاب مهندس يعمل فى قطاع البترول ويحتاج إلى من يرعى له ابنائه، هى لا تعلم أن له ثمانية أطفال، كذلك لا يعلم ان لديها ستة اطفال، تتطور العلاقة فيما بينهما إلى حب فى الوقت الذى يقوم كل منهما لمحاولة إخفاء قصة أولاده عن الآخر وبعد أن تتطورت العلاقة إلى زواج تقوم مشاكل بين الأبناء، وتحدث متاعب عديدة، إلى أن تضع له زوجته الأبن الذي يكون حلقة الوصل بين أبناء كلاً منهما تحياتي
عمار مهيوب عبدالولي الحميري، «فرنسا ميتروبولتان»، 12/02/2010
مقال جميل ..
جمعة مباركة على الجميع
مريم عبد الكريم بخاري ....جدة، «فرنسا ميتروبولتان»، 12/02/2010
حب المرأة للكل لأجلهم وحب الرجل للكل لأجله ؟!
إذا احبت المرأة صدقتوبوفاء تام والحب كله للرجل لأجله وهو يحب حبا صادقا دون وفاء ايضا لأجله ؟
ففي كل الأحوال الرجل كسبان والمرأة الخاسرة لأنها اعطت الكل ولم تأخذ وهو اخذ كل شئ ولم يعطي الذرة فهل هذا عدلا او يشبهه ؟
ابو عامر القادري، «فرنسا ميتروبولتان»، 12/02/2010
شكرا استاذ مشعل للمقالة الطريفة
عمس الغامدي، «فرنسا ميتروبولتان»، 12/02/2010
المسألة بسيطه مادام ان اولاده مع اولادها ضربوا اولادهم
المشكله لو ان اولاده ضربوا اولادها اوان اولادها ضربوا
اولاده او ان اولاده ضربو اولادهم او انه هو ضرب اولادها او ضربها وان كان المالوف ان تضربه هي

 
ارسل هذا المقال بالبريد الالكترونى   اطبع هذا المقال