الاحـد 14 شـوال 1433 هـ 2 سبتمبر 2012 العدد 12332 الصفحة الرئيسية
 
ميشيل كيلو
مقالات سابقة للكاتب    
سوريا: هل هي مؤامرة على النظام؟
بين الخارج والداخل!
لا للعنف.. وللوحشية أيضا!
أكاذيب!
مجتمع خرج من نظامه
فرار الرئيس!
نموذج الثورة السوري!
أزمة المجتمع الدولي!
والآن.. ما العمل؟
تنبهوا واستفيقوا!
إبحث في مقالات الكتاب
 
الرحمة لعقولكم!

ليس هناك في أوساط المعارضة السورية سجال سياسي يقر بحق كل طرف في تكوين آرائه ووجهات نظره بحرية، دون التعرض لضغوط الشارع أو التنظيمات السياسية الأخرى. ولا يستطيع أحد معظم الأحيان التعبير عن رأيه دون خوف من انهمار تهم خيانة الثورة أو العمالة للنظام على رأسه. ولأنه ليس هناك سجال سياسي حقيقي، لا تظهر في علاقات المعارضة السورية أي رغبة نزيهة في التعرف على الغير كجهة لها الحق في أن تكون مختلفة، ولا تتبلور أي نظرة حوله بعيدا عن القراءات المسبقة، وينعدم بالتالي الميل إلى التقاطع معه، لذلك يقال غالبا إن آراءه بلا قيمة، تارة بحجة أنها قديمة ومبتذلة ومسروقة من الآخرين، في حال كانت متقاربة أو متطابقة مع آراء موجودة في الساحة، وطورا بذريعة أنها تافهة لا قيمة لها وبالتالي متناقضة أو متعارضة مع الحقيقة. وفي الحالتين، يكون هدف التقويم قطع جسور الحوار ونبذ نقاط اللقاء والتركيز على الاختلاف وتاليا الخلاف، بدل أن يكون نصب جسور التواصل والبحث عن المشترك والتوافقي، الذي يمكن البناء عليه وتوسيعه.

مثل هذه المواقف تفرض قراءة مشحونة بالأحكام المسبقة والانفعالات، موضوعها ما نفهمه مما صدر عن الآخرين من وثائق أو مواقف أو آراء، أو ما يعزى لهم في أحيان كثيرة. هنا، لا يقرأ المرء ما تقع عيناه عليه، بل ما يضعه هو أو ما يريد رؤيته فيه من تفسيرات. يحدث هذا بصورة شبه دائمة في أيامنا، حيث تشكلت هيئات وأطراف فهمت أن المعارضة تكون متحدة بقدر ما تتفق مواقفها مع مواقفه وآرائه ووجهات نظره، وإلا فإنها لا تكون مختلفة معه وعنه، وإنما تكون غير وطنية وحتى خائنة. لا داعي للقول: إن هذا المنطق يضع أغلبية السوريين خارج الوطنية أو خارج الصواب، ويحشرهم في عداد الضالين والخونة، بعد أن يقوِّلهم ما لم يقولوه بالفعل، ويضع في أفواههم ما قد يكون معاكسا تماما لما نطقوا به أو أفصحوا عنه، وهذا سلوك ينم عن ازدراء جلي لعقل من يتوجه إليه، وتجاهل مهين لقدرته على فهم ما يبلغ مداركه ووعيه بمؤهلاته وملكاته الخاصة، وهو سلوك لا يكتفي بليِّ أعناق الكلمات، بل هو يلوي معانيها أيضا، لافتراضه أن من يخاطبهم أغبياء وقاصرون لن يتمكنوا من ملاحظة ما يفعله، وأن ألعابه ستنطلي عليهم، مع أن التجربة تشير إلى عكس ما يعتقد، وتؤكد أن المواطن السوري يستطيع غالبا قراءة ما بين السطور في أي تصريح أو بيان، وأنه لا يحتاج إلى مساعدة مغرضة و«ملغومة» وذات مآرب تضليلية.

من عبقرية العوام والبشر العاديين إيمانهم بحق الإنسان في الخطأ، وبأن الكمال لله وحده، واعتقادهم أن عالم البشر ناقص ويحتاج إلى تحسين مستمر. بالمقابل، يتناقض خطاب تنظيمات معارضة سورية عدة مع وعي العوام، ويؤكد في كل ما يصدر عنه أنه لا حق للإنسان في الخطأ، إلا إذا كان ينتمي إلى جماعتنا، وأن الخطأ لا يمكن ولا يجوز أن يكون بريئا، بل هو دوما فعل خيانة معلنة أو مضمرة، فلا بأس بقراءة «تفضحه»، تلوي عنقه و«تثبت» أنه فعل خيانة. يحدث هذا بطريقة تبعث على اليأس، تقتل قدرتنا على صياغة إدراكات جامعة أو مشتركة حول المسائل المصيرية التي يفشل كل شيء دونها.

نسب تصريح إلى الأستاذ الأخضر الإبراهيمي قولا يفهم منه أنه لا يريد تنحي الأسد. لم يتبين صاحب التصريح حقيقة ما قيل أو يستفسر عن معناه، بل سارع إلى إدانة الأستاذ الإبراهيمي ومطالبته بالاعتذار، وقال ما يفهم منه أنه منحاز إلى النظام وأن مهمته يجب أن تفشل. وأصدرت جهة داخلية معارضة بيانا قبل أيام يدعو إلى وقف عام لإطلاق النار بين «الطرفين المتصارعين»، وإطلاق سراح جميع المعتقلين لديهما، وبدء مفاوضات مع أطراف في النظام لم تتلطخ أيديها بدماء السوريين... إلخ، فاتهمت بالخروج على إجماع المعارضة وبالخيانة «لارتمائها» في أحضان النظام. هذا الجو يترتب على ما يلي:

- إنكار حق أي طرف معارض في الخروج على إجماع غير موجود، يتوهم من يتحدثون عنه أنه متوفر لآرائهم، التي لا تحظى في حقيقة الأمر بأي إجماع من أي نوع كان، بل هي مجرد وجهات نظر كثيرا ما اعتبرت خاطئة بين وجهات نظر عدة تتبناها المعارضة، قد تتقاطع معها في هذه المسألة أو تلك، لكنها تبقى وجهات نظر أصحابها وحدهم. ومع أن من حق هذه الجهة مقايسة آراء الآخرين بآرائها الخاصة وتبيان ما فيها من حيدان عنها، بل انتقادها بالطريقة التي تريدها، فإنه ليس من حقها اعتبار خطئه دليلا على الخيانة، خاصة أن ساحتنا المعارضة تفتقر إلى آراء جامعة متوافق عليها وملزمة لأطرافها، فإن كان هناك شيء كهذا هنا أو هناك، في هذه المسألة أو تلك، وقع الاختلاف على قراءته وتفسيره، فلا يبقى جامعا.

- إنكار حق العامل في السياسة بالحيدان عن الحد الأقصى المطروح من قبل هؤلاء، مع أن في كل سياسة حدا أدنى شرعيا ومسوغا أيضا. من المعلوم أن السياسة تتحرك اليوم في فسحة قريبة من الحد الأقصى وغدا في أخرى أقرب إلى الحد الأدنى، فإن أخذت بسياسات الحد الأقصى وحدها تسببت غالبا في كوارث ومآس مرعبة، ودمرت حركات ثورية أصيلة، في حين يفضي الثبات على الحد الأدنى إلى تقديم تنازلات لا مبرر لها تطيح بالثورة وتحرفها عن مطالبها الأصيلة. من الضروري التمسك بالحد الأقصى كهدف ومقاربته تكتيكيا بالمرونة الضرورية الكفيلة بتحقيقه، على الرغم من أنها كثيرا ما توحي، خطأ، بأن السياسة الثورية أصيبت بالتراخي. عندنا، وفي عالم المزايدة والتمريك على الآخرين، الذين يراد إلزامهم بمواقف المزايدين تحت زعم أنها محل إجماع وطني، ينتفي حقك في أن تناور أو تنتهج سبلا مغايرة لسبلهم، كما لا يحق لك أن تختلف حتى تكتيكيا معهم، على الرغم من أن هذا يعني عمليا قتل السياسة وإفراغها من أي وظيفة وأي دور.

- قد يكون هناك بعض ما يمكن ملاحظته فيما صدر عن الجهة الداخلية المعارضة، إلا أنه ليس بالتأكيد والقطع دليل خيانة أو خروجا على الإجماع الوطني. كما يمكن انتقاده بطريقة تفيد من أصدروه، بينما لا يخدم الانتقاد الحالي العمل الوطني، إلا إذا كان هناك من يتوهم خطأ أنه يستطيع احتكار هذا العمل وإزاحة غيره منه.

لا بد من تعلم فن الحوار الذي يقربنا من بعض ويفضي إلى نتائج إيجابية. ولا مفر من نبذ فنون الأستذة والإقصاء والإدانة المجانية. قبل أيام مررت قرب مكان كتبت على حائطه جملة من المفيد تعريف الجميع بها، تقول: لا خيار لنا غير أن نعيش سويا، أو أن نهلك جميعا.

> > >

التعليــقــــات
العربي الجديد، «فرنسا ميتروبولتان»، 02/09/2012
كلام جميل ورائع يستطيع فهم هذا الكلام على ما أعتقد نسبه قليله من شعبنا العربي والسوري مع عذري الشديد وإحترامي
للجميع. النازح والمشرد والجائع والفاقد لعمله والسجين في بيته لا يستطيع اليوم أن يحلل ما كتبته أنه يريد حلا سريعا
واقعيا مبسطا . فإذا كنتم في المعارضه خمس أو سبع أو عشر فصائل إجتمعوا وتنازلو وضحو واسهرو اليالي وتقاتلو
وتصالحو وصومو إلى أن تلدو ميثاق شرف يرضي على الاقل 51% من متطلبات وتطلعات كل فصيل فكل ما أسرعتم
بذلك كل ما خففتم من هدر الدم ودمار هذا البلد الحبيب. فيا لعبث الأقدار أننا حرمنا من كثير وكثير لنشتري طياره نفاخر
فيها لتدافع عنا فأصبحت تقتلنا ونحن نفرح عندما تسقط وكانها عدوتنا
عمر محمد، «الامارت العربية المتحدة»، 02/09/2012
أطراف عديدة في المعارضة السورية تعتبر مسؤولة عن التشرذم أمام نظام حكم مستبد جائرخاضع لأهواء عائلة لا يهمها
من الوطن غير النهب والسلب اعتمادا على سلوك طائفي بغيض، هذه العائلة الفاسدة دفعت بين صفوف المعارضة بعض
أعوانها الطائفيين إلى جانب أصحاب منافع ومكاسب ليعملوا فيها تمزيقا وفرقة انضم إليهم بعض من الخارج، أظن أن
المعارضة هي حزب واحد وليست تجمعا لكتل سياسية منهكة خرجت لتوها من براثن وحش عائلي، كان من المتوقع أن
تكون جميع الأطراف المجتمعة في تلك المعارضة، عدا المتآمرة منها مع النظام، على مستوى من الادراك والوعي
يوصلها إلى تفاهم مشترك حول سبل التصدي لمؤامرة العائلة الفاسدة في قيادتها للبلاد خلال نصف قرن وما اكتنفها من
تمزيق وتفريق ونشر لطائفية مخربة بغيضة.
د تيسير، «المملكة العربية السعودية»، 02/09/2012
ان السياسة لعبة قذرة ومن الصعب على المرء اتقان هذه اللعبة مهما ملك من ذكاء لان السياسة هي مهنة لابد لها من
مقومات مثل المال والجاه والتراث اي التاريخ(الخبرة) .وكذلك الحوار فالحوار مرتبط ارتباط في السياسة وكثير من
المحاورين ليس لديهم فهم للسياسة او للدوبلوماسية لذا من الصعب التقارب بين اطراف المعارضة علما ان اغلبهم ليس لديه
دراية لابالسياسة ولا بالحوار ولاحتى لديه المام بمفهوم الثورة اضافة الى ان اغلبهم اصلا اما كان معتقلا او مهاجرا.وليس
لديهم المام بالواقع السوري واختلاطاته .استطاع هذا النظام ان يفسد المجتمع منذ50عام حيث اوجد نظام عبودية على
طريقة القرن الواحد وعشرين ان تكون تابع ولاتملك ادنى شيءعن طريق الفساد والجوع وغيره لذا ارجوا انا لانلوم هذه
المعارضه حيث انها لاتعرف شيء عن مفهوم الحكم وادرة شؤون نفسها اولا ومن ثم ادارة هذا الشعب يجب ان يعي
المعارضون جميعا ايا كان انتمائهم الطائفي او السياسي ان عليهم الانتهاء من الخطوة الولى وهي تحرير البلاد والعباد من
هذا النظام ومن ثم تبدء خطوة التنظيم والادارة بالتعاون مع كافة افراد الشعب بحيث يكون لهم قاعدة شعبة
omar، «الامارت العربية المتحدة»، 02/09/2012
اجتزأت فأسأت!
احمد، «فرنسا ميتروبولتان»، 02/09/2012
استاذ ميشيل قيل -لاصوت يعلو على صوت المعركة هذا ان كان العدو في الخارج اما ان كان هناك عدو في الداخل
فالكل يعرفه ويعرف سياق الامور حتى الام تعرف قاتل ابنها والمراة تعرف من رملها هذا يعني ان المعاناة اشد وامر -
وبالتالي الهدف اوضح لا يمكن هنا القبول بالاختلاف -- ثم اجد ان العاطفة تسير الامور اكثر من الواقع سقوط النظام امر
مستحيل قبل الثورة والان هو اقرب وبعد فترة اقرب واقرب وتسير الامور بهذا المنوال الى ان يتحقق النصر
أبو ضرغام الشامي، «فنلندا»، 02/09/2012
أبو ضرغام الشامي أستاذنا الكريم ميشيل, إن كلامك أصاب في توصيف الوضع الحالي للمعارضة السورية المتلاشية
الزخم وهذا مما يرضي الأطراف الدولية المتثاقلة منها والأخرى الغير متحمسة لسقوط الأسد المجرم ونظامه قبل تدمير
سورية كدولة وإقتصاد ومجتمع لصالح اسرائيل. إن معارضة الخارج والداخل لاتزال قاصرة عن فهم العمل الجماعي
الهادف لمصلحة سورية مع الإحتفاظ بالطيف الخاص بكل فئة منهم لأنهم ليسوا حزباً واحداً بل تجمعهم رؤية مشتركة وكل
لديه طريقه في الوصول مع وجوب التنسيق مع الآخرين والهام والخطير هنا هو عجز أكبر تجمعات المعارضة عن ذلك
وعن تشكيل لجان دائمة عالية الكفاءة للتواصل والتفاهم مع المجتمع الدولي بلغة موحدة وشفافة فقط لمصلحة سورية كبلد
ووطن لجميع أطياف الأمة السورية حصراَ بعيداً عن الأممية الدينية والقومية عابرة الحدود. فهؤلاء يخططون لبناء
قصورهم في السماء والشعب تدميه مذابح الجلاد على الأرض!
kasim saleh، «الامارت العربية المتحدة»، 02/09/2012
ان السياسة لعبة شياطين وكل من يدخلها يتحول الى شيطان. ولو ان اعبد ملكين هاروت وماروت دخلو السياسة لسقطوا
واصبحو كالشياطين مثل كل السياسيين. ولكن العجيب ان ميشيل كيلو رغم انه انسان ودخل السياسة فبدل ان يسقط اصبح
ملاك. والله والله والله كلما ارى مقابلة له على التلفزيون ارى ملاك يتكلم و ليس له اي هدف شخصي للوصول الى السلطة.
هدف ميشيل كيلو هو انقاذ الناس من الدمار باسرع وقت حتى لو تطلب الحوار مع الشيطان. فشياطين السياسة في
المعارضة يرفضون لأنه سوف لن يغنموا مناصب لو تمت المفاوضات لذا نراهم يحركون المقاومة من مدينة الى اخرى
فاذا تدمرت مدينة و هُجر اهلها واصبحو لاجئين حتى يستفيدو من هذا في الأعلام يحركوهم الى مدينة اخرى فيدمرها
ألأسد, فيحولوهم الى مدينة اخرى حتى دمروا كل المدن السورية و شردوا اهلها و جعلوهم اذلاء لاجئين حتى العاصمة
الصناعية دمروها. و كل هذا من اجل السلطة. الا ميشيل كيلو, ياريت يصبح الممثل الوحيد للثورة السورية, والف ياريت
لو يصبح رئيس جمهورية سوريا لمدة عشرين سنة قادمة فسوف تصبح سوريا سويسر الشرق ألأوسط. اما اذا استلمها
باقي المعارضة فابشروا بحرب اهلية لا اول لها ولا اخر
أبو اصطيف الحلبي، «المملكة العربية السعودية»، 02/09/2012
تحليل دقيق و وواقعي للحالة النفسية التي تسيطر على معظم ابناء الشعب السوري في وقت نعاني فيه من الشرذمة واللا
أمل مما يؤدي بنا إلى عدم القدرة على التفكير في حلول تكون أكثر واقعية على الأرض وتوافقية بالحد الأدنى بين الجميع
دون التفريط بدماء شهدائنا وكتابة دستور يضمن العيش الكريم والحرية لأبناء شعبنا كما ويجب تعويض المتضررين و
أهالي الشهداء وإعادة الحق والكرامة لكل مواطن سوري لم تتلطخ يديه بالدماء و معاقبة المجرمين بعد ثبوت التهم عليهم
بمحاكمات عادلة لنحصل على مجتمع أفضل يسود فيه القانون لا شريعة الغاب. ونسعى لعلاقات دولية متوازنة مع جميع
دول العالم بلا استثناء مما يعود بالخير والفائدة لابناء المجتمع السوري لأننا لسنا دعاة كره وحرب وقطيعة بل دعاة سلام
وحب وتعاون مع العالم أجمع.

 
ارسل هذا المقال بالبريد الالكترونى   اطبع هذا المقال