نصر الله يجر لبنان إلى حرب مع الجيش الحر

TT

أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن رجاله يقاتلون في سوريا – ليس للدفاع عن المزارات الشيعية فحسب – بل ايضا من أجل حماية الحدود اللبنانية من رجال الجيش الحر، الذين اعتبرهم جميعا من «التكفيريين». وسرعان ما جاء رد ثوار سوريا على إعلان نصر الله، يهدد بمهاجمة مقاتلي حزب الله في كل موقع يوجدون به - سواء في جبهات القتال في سوريا أو في مقارهم الأصلية بلبنان. فقد هدد اللواء سليم إدريس رئيس هيئة أركان الجيش الحر بأن جيشه سوف يلاحق عناصر حزب الله في أي مكان يوجدون به، بما في ذلك الأراضي اللبنانية. وهكذا، بدلا من وقوف لبنان على الحياد كما وعد نصر الله، أصبحت نداءات الحرب تهدد شعب لبنان في عقر داره ردا على تدخل الحزب في القتال الدائر بسوريا.

وكان حسن نصر الله حذر اللبنانيين من أن البديل لنظام الأسد في سوريا، هو سيطرة الجماعات التكفيرية على المناطق المتاخمة لحدودهم. وقال الأمين العام لحزب الله – وهو يختفي في مخبئه - إن النظام السوري هو سند المقاومة ضد إسرائيل، وهو شخصيا لا يستطيع الوقوف مكتوف الأيدي حتى ينكسر ظهر هذا السند. واعتبر أن مشاركة رجاله في القتال ضد ثوار سوريا هي معركة «تحصين المقاومة وحماية ظهرها، وتحصين لبنان وحماية ظهره». كما زعم وجود خطرين يواجهان لبنان: إسرائيل وثورة التكفيريين في سوريا!

ويشكل هذا الإعلان تغيرا جوهريا في أهداف حزب الله التي أعلنها عند بداية ظهوره عام 1982، حيث اعتبر أن هدفه الرئيس هو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للبنان وتحرير الأراضي المحتلة في الجنوب، ثم وسع نطاق مهامه لتتضمن تحرير أرض فلسطين المحتلة والقضاء على دولة إسرائيل. إلا أن تصريحات نصر الله الأخيرة، تشير إلى حدوث تغيير استراتيجي في أهداف الحزب، التي صارت الآن تشمل الدفاع عن نظام الأسد في سوريا وحماية الحدود اللبنانية من خطر الجماعات التكفيرية، كما سماها.

لهذا أصبح من حقنا أن نتساءل: ما المقاومة في لبنان الآن؟ وما عملها؟ فجماعات المقاومة تتكون عادة في البلدان التي تقع تحت الاحتلال الأجنبي، وتعمل على تعبئة الجماهير لرفض السيطرة الأجنبية ومساعدة القوات النظامية في تحرير الوطن. أما وقد انتهى الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان منذ عام 2000، فقد انتهى دور المقاومة وصار من الضروري أن يتولى الجيش النظامي وحده حماية حدود البلاد. فبخلاف حزب الله اللبناني، لا يوجد تنظيم واحد للمقاومة في أي دولة في العالم. فليس هناك تنظيم للمقاومة مثلا في سوريا رغم احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان، كما لم تعد هناك مقاومة منظمة في فلسطين، حيث صارت حركة حماس تحكم قطاع غزة، بينما أصبحت حكومة فتح تحكم الضفة الغربية. ومنذ أن قبل حزب الله قرار مجلس الأمن رقم 1701 بخصوص وقف القتال بين لبنان وإسرائيل، وافق الحزب على عدم القيام بأعمال عسكرية في الجنوب، والتزم طوال الأعوام الأربعة الماضية هذا الموقف. ورغما عن هذا يصر نصر الله على أن حزبه يمثل شيئا غير موجود اسمه المقاومة، مما يعطيه الحق في إقامة تنظيمات عسكرية مسلحة، لا تتبع الدولة اللبنانية ولا تخضع لقراراتها.

فقد تكونت المقاومة اللبنانية من تنظيم عسكري يضم الشبان الذين ينتمون لحزب الله، ويعلنون ولاءهم للمرشد الأعلى للثورة في إيران، وإيران هي التي تدفع رواتبهم وتمدهم بالسلاح. ونص البيان الذي أصدره حزب الله في 16 فبراير (شباط) 1985 على أن الحزب «ملتزم أوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه الإيراني، وتتجسد في روح الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة». أما حسن نصر الله قائد المقاومة، فعتبر نفسه الوكيل الشرعي للمرشد الأعلى الإيراني في لبنان.

ومنذ أن أصبح حزب الله طرفا في الصراع الدائر في سوريا، فقد الحزب الكثيرين من مريديه وأنصاره، بل إن بعض البلدان - مثل الولايات المتحدة وهولندا والبحرين – صارت تعتبر حزب الله منظمة إرهابية، كما طالبت بريطانيا الاتحاد الأوروبي بإدراج الجناح العسكري للحزب على قائمة الإرهاب. فهل يتراجع حزب الله عن القتال في سوريا حتى يجنب بلاده مخاطر حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، أم يستمر في تحدي الجيش الحر فتتحول بلاده إلى ساحة قتال من أجل الأسد؟!