تاريخ قبيلة بنى هاجر في كتاب سعودي
تاريخ عريق من معارك ومواجهات وقصص وأخبار كان له أثر واضح في عدد من دول الخليج العربي
الاحـد 27 شعبـان 1423 هـ 3 نوفمبر 2002 العدد 8741
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: كتب
د. إبراهيم بن عبد الله السماري *
الجغرافيا البشرية من العلوم المهمة في العصر الحديث، وتبرز أهميتها من خلال عنايتها بتسجيل حركة الانسان ونشاطاته وتطور هذه الحركة في مختلف مجالات الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعمران البشري والجغرافية الطبيعية، ولاسيما عملية النزوح من مكان الى مكان والهجرات الى المدن والحواضر ، مما يشكل مادة خصبة للدراسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ومن هنا عني بعض الباحثين بالتأريخ لبعض القبائل، التي اشتهر منها القادة والشعراء والعلماء وغير هؤلاء ممن لهم تأثير في تاريخ المجتمعات قديماً وحديثاً.

ومن المؤكد أن العلم بالأنساب، من العلوم المهمة التي ميز الله بعض الناس بإتقانها وتتبع تشعباتها وهو ليس سهلاً متاحاً لكل أحد وإنما يكتسب بالخبرة والممارسة والتعلم، ولذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم». وفي هذه الدائرة جاء مؤلف المهندس سعود بن محمد آل حلبان الهاجري عن قبيلته، قبيلة بني هاجر، ليوثق في 950 صفحة تاريخها وسير أعلامها وهو ـ كما عرف بنفسه في كتابه ـ خريج كلية سبارتن لعلوم الطيران تخصص هندسة الإلكترونيات طائرات، إلا أن تخصصه العلمي لم يصرفه عن هوايته المتمثلة في دراسة التاريخ والأنساب.

وقد أشار المؤلف في مقدمة كتابه الى أن سبب تأليفه له هو خلو المكتبة من دراسات أو بحوث موسعة عن قبيلة بني هاجر برغم ما لها من تاريخ عريق وأثر واضح في تاريخ عدد من دول الخليج العربي ثم أعطى لمحة موجزة جداً عن «العرب وعلم الأنساب» لتكون تمهيداً لما سيعرضه بعد. وفي الفصل الأول تحدث المؤلف عن نسب بني هاجر مستعيناً بالمصادر المتاحة وبروايات كبار السن من هذه القبيلة وغيرها كما تحدث عن الأسر المتحضرة من بني هاجر وأماكن استيطانها. وفي الفصل الثاني تحدث عن «أسباب نزوح بني هاجر» وهجرتهم من موطنهم الأصلي الى مناطق أخرى وذكر أسماء أوائل النازحين، ثم أشار الى أهمية الرعي في مجتمع هذه القبيلة وتوثيق أماكنه ولا سيما موقع الميثب الذي أورد ما قاله شعراء هذه القبيلة عنه. وفي الفصل الثالث تحدث المؤلف عن «تاريخ بني هاجر» مبيناً أن مادة تاريخ كل قبيلة إنما توثق من خلال عنصرين مهمين هما الهجرات والوقعات (المعارك) مركزاً على أن أهم سببين لإثارة هذين المصدرين هما الجفاف أي فقدان مصدر القوت وفقدان الأمن حيث تنشأ غالب الهجرات والمعارك لهذين السببين أو لأحدهما. وهو ما أشار إليه القرآن الكريم عن قبيلة قريش في قوله تعالى «فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» سورة قريش 3 و4. ثم ذكر طرفاً من علاقة قبيلة بني هاجر بالقبائل الأخرى، وأتبعه بذكر الوقائع والمعارك التي اشترك فيها بنو هاجر في الجنوب وفي نجد وفي البحرين وفي الإمارات وفي قطر وفي الكويت وما قيل فيها من أشعار من شعراء القبيلة ومن بعض خصومها. وفي الفصل الرابع كان الحديث عن «تاريخ بني هاجر في الأحساء» موضحاً أهمية الأحساء بالنسبة للاستيطان القبلي عموماً ولقبيلة بني هاجر خصوصاً، ومشيراً الى أيام ومعارك بني هاجر ثم ملقياً الضوء على هجر بني هاجر في عهد الملك عبد العزيز واستجابة هذه القبيلة لدعوته إلى توطين البادية. وفي الفصل الخامس أشار المؤلف الـى «مواجهة بني هاجر للغزو الأجنبي» متحدثاً عن معارك هذه القبيلة في الأحساء والخليج العربي حتى استيلاء الملك عبد العزيز على الأحساء. وخصص المؤلف الفصل السادس للحديث عن «فرسان بني هاجر» والفصل السابع لتسليط الضوء على «شعراء بني هاجر» والفصل الثامن للحديث عن «شعراء مدحوا بني هاجر» أما «قصص وأخبار» فكان عنوان الفصل التاسع الذي تضمن قصصاً وأخباراً طريفة عن بني هاجر. في حين عقد المؤلف الفصل العاشر للحديث عن «خيل وإبل بني هاجر» مبيناً أهم مرابط الخيل العربية الأصيلة وأسماءها وتواريـــــخ أهم سلالاتها، كما عُنِيَ الباحث عناية ممتازة بوسوم هذه القبيلة فتحدث عن أهمية الوسم عند القبائل وأسباب اللجوء إليه وسمات الإبل عند بني هاجر ثم وضع جدولاً من أربعة حقول مبيناً نموذج كل وسم ومسماه وموقعه واسم الفخذ العائد له. كما ذكر مسميات الإبل عند بني هاجر وألوانها وأسماء أعضائها وأعمارها ومصطلحات ورودها الماء ومراكبها. ثم ألحق المؤلف بكتابه صوراً لأربع وثائق مرسلة من الملك عبد العزيز الى الشيخ عجب بن دليبح الهاجري، ودليلاً بأسماء أهم الرواة الذين استقى مادة الكتاب منهم. وقد وصف المؤلف بني هاجر في غلاف الكتاب بأنهم «خلان الأشدة» وكم كنت أتمنى أن يفسر سبب هذا الوصف ومعناه في مقدمة الكتاب.

إلا أنه برغم ذلك فإن كتاب «بنو هاجر خِلاّن الأَشِدَّة» ثري بمادته التاريخية ومعلوماته الثقافية المتنوعة التي تدل على سخاء الحصيلة الفكرية للمؤلف ولا سيما عند تمهيده لفصول كتابه بمعلومات شاملة ومختصرة كما هي حاله عند الحديث عن تثليث والأحساء وبعض الأعلام وبعض القبائل ، كما تميز الكتاب بتنوع مصادره حيث اعتمد على عدد من المصادر العربية القديمة والحديثة في التاريخ والتراجم والأنساب والجغرافيا وروايات الرواة وكتب الرحالة والغربيين عموماً مثل لوريمر وفيلبي وبيرين وبرنيث وغيرهم.

* كاتب سعودي [email protected] * «بنو هاجر خلان الأشدة»

* المؤلف: المهندس سعود بن محمد آل حلبان الهاجري 950 صفحة